الولايات المتأرجحة، أو الولايات الأرجوانية، هي ولايات حاسمة في مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعادةً ما تكون "ساحة المعركة" الحقيقية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وكانت ولاية نيفادا المثال الأبرز على هذه الولايات خلال الانتخابات الرئاسية الماضية 2020، حيث تحولت إلى موضوع للترقب والسخرية باعتبارها من آخر الولايات المحسومة في السباق الرئاسي. وعلى الرغم من الفرز السريع نسبيًا للنتائج، إلا أنها كانت بحاجة إلى وقت أكثر للكشف عن النتيجة النهائية.
لا يوجد تعريف محدد لـ"الولايات المتأرجحة"، لكنها تلك التي تتميز بهامش تصويت صغير لصالح أحد المرشحين، كما أنها تتقلب من حزب إلى آخر مع مرور الوقت، وعادةً ما يتم استهدافها من قبل حملات الأحزاب الرئيسية. وتشمل الولايات المتأرجحة كل من: أريزونا وجورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن. وتشير الهوامش الضيقة في السباقات إلى أنه كان من الممكن أن يفوز أي من الطرفين بهذه الولايات، التي يضاف إليها في بعض الأحيان ولايات: نورث كارولينا، ونيفادا، ونيو هامبشاير.
والولايات المتأرجحة مهمة لأنها تستخدم جميعها نظام "الفائز يأخذ كل شيء"، أي يحصل على كافة أصوات المجمع الرئاسي، حتى لو فاز مرشح واحد بفارق ضئيل للغاية، كما فعل بايدن في جورجيا عام 2020. وفي المحصلة، يُنظر إلى هذه الولايات، على نطاق واسع، بوصفها ما يضمن الطريق نحو البيت الأبيض.
ولا يوجد ولايات متأرجحة تاريخيًا. ففي الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1992، كانت هناك 22 ولاية متأرجحة انخفضت إلى 5 ولايات في عام 1996، وعادت إلى 11 ولاية عام 2000، وكانت ولايتين في عام 2012، و6 ولايات في عام 2016، ومن ثم 5 ولايات في عام 2020. وعلى سبيل المثال، كانت نيو مكسيكو وأيوا من الولايات المتأرجحة في عامي 2000 و2004، لكنهما لم تعودا كذلك بعد هذه الانتخابات.
وقد تصبح الولايات المتأرجحة الكبرى ولايات جمهورية أو ديمقراطية "آمنة" مع مرور الوقت، بينما قد تنتقل الولايات الحمراء والزرقاء الصلبة إلى فئة الولايات المتأرجحة. ويمكن أن يؤدي التحول الديموغرافي وإعادة التنظيم السياسي لمناطق أو مجموعات اجتماعية أو ديموغرافية معينة إلى حدوث هذه التغييرات، إذ أدى التحول الديموغرافي في ولايات حزام الشمس في الجنوب الغربي، وارتفاع أعداد الأصوات اللاتينية في هذه الولايات، إلى أن تصبح نيو مكسيكو وأريزونا وتكساس، وكذلك كاليفورنيا، أكثر ميلًا إلى الديمقراطيين في العقود الأخيرة.
كما أدت أعداد متزايدة من الناخبين من ذوي التعليم الجامعي في بعض الولايات، وفي بعض الحالات بسبب الهجرة الداخلية من "الولايات الزرقاء"، إلى أن تصبح بعض الولايات، مثل كولورادو وفيرجينيا، أكثر ميلًا إلى الديمقراطيين. في المقابل، بدأ الجمهوريون يحصلون على مستويات دعم أعلى من الطبقة العاملة البيضاء والناخبين الريفيين خلال الفترة الزمنية نفسها.
ومالت الولايات في الغرب الأوسط، مثل أوهايو وأيوا ومينيسوتا، وكذلك ولايات "الجدار الأزرق" في ويسكونسن وبنسلفانيا وميشيغان، لصالح الجمهوريين بقوة في انتخابات 2016، كما مالت بعض الولايات الحمراء في الجنوب، مثل كنتاكي، إليهم، فيما أصبحت فرجينيا الغربية وتينيسي أكثر ميلًا إليهم كذلك.
هل من أنماط تصويت؟
منذ انتخابات عام 1988، صوتت 20 ولاية بالإضافة إلى واشنطن العاصمة للحزب نفسه في كل انتخابات رئاسية. ومن بين هذه الولايات العشرين، لم تشهد سوى ثلاث ولايات - مينيسوتا في عامي 2016 و2000، وأوريغون في عام 2000، وواشنطن في عام 1988 - انتخابات متقاربة في النتائج.
وصوتت 7 ولايات، بالإضافة إلى واشنطن العاصمة، باستمرار لصالح المرشح الرئاسي الديمقراطي منذ عام 1988. كما صوتت 13 ولاية باستمرار لصالح المرشح الرئاسي الجمهوري. وبينما كانت هناك بعض التكهنات بأن تكساس أصبحت ولاية متأرجحة في عام 2020، إلا أن الهامش بين أصوات الجمهوريين والديمقراطيين كان لا يزال 5.5 نقطة مئوية.
وصوتت 33 ولاية للحزب نفسه في الانتخابات الرئاسية الأميركية الخمس الماضية، بينما صوتت 40 ولاية من أصل 50 ولاية للحزب نفسه منذ عام 2000
وتميل الولايات المتأرجحة أيضًا إلى أن تكون أفضل في التنبؤ بالفائز في الانتخابات بشكل عام. ومع أن فلوريدا كانت الولاية الحاسمة في انتخابات عام 2000، إلا أن العديد من الولايات الأخرى كانت أيضًا من بين الولايات التي يمكن الاعتماد عليها في تحديد النتائج الإجمالية للانتخابات. وخلال الانتخابات الرئاسية الأميركية التسعة الماضية، توقعت ولايتي نيفادا وأوهايو النتيجة الإجمالية للانتخابات 8 مرات.
ومنذ عام 1988، استمر المرشح الرئاسي الفائز في نيفادا وأوهايو بالفوز في الانتخابات العامة بنسبة 89% من الوقت. وكانت ولاية فلوريدا، التي يمكن التنبؤ بها وتُعد من الولايات كبيرة الحجم، وتدور بين الحزبين الرئيسيين؛ قد دعمت الديمقراطي باراك أوباما في عام 2008، والجمهوري جورج دبليو بوش في عام 2000.
ما سبب قوة الولايات المتأرجحة؟
في الانتخابات الرئاسية الأميركية، تمتلك كل ولاية الحرية في تقرير الطريقة التي سيتم من خلالها اختيار ناخبيها في الهيئة الانتخابية. وعلى هذا الأساس، اعتمدت كل الولايات الأميركية، باستثناء ماين ونبراسكا، على نظام الفائز يحصل على كل شيء، أي عندما يفوز المرشح بأغلب الأصوات الشعبية في الولاية، يحصل على جميع أصوات المجمع الانتخابي.
وبناءً على ما سبق، يركز كل مرشح حملته في الولايات المتأرجحة على باعتبارها نقطة الاستقطاب الأساسية. كما أن هذه الولايات، ونتيجة معرفة تأثيرها، قد تقود حملات سياسية تساهم في الضغط على أحد المرشحين من أجل تلبية توقعاتهم وتحقيق وأهدافهم.
وتكمن نقطة القوة في أن عدد الأصوات الشعبية لن يكون حاسمًا بقدر عدد الأصوات في المجمع الانتخابي، وهذا ما حصل مع هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية عام 2016، حيث حصلت على أصوات شعبية أكثر من دونالد ترامب، لكنها انتهت إلى الخسارة في المجمل.
ولايات متأرجحة وحاسمة
خلال السباق الرئاسي الأميركي، في تشرين الثاني/نوفمبر، من المرجح أن تكون الولايات الحاسمة هي: أريزونا، وفلوريدا، وجورجيا، وميشيغان، ونيفادا، ونورث كارولينا، وويسكونسن، وكذلك وبنسلفانيا. وفي ستة من السبعة، وباستثناء فلوريدا، تغلّب بايدن على ترامب في عام 2020، ما منحه تقدمًا سمح له بالوصول إلى البيت الأبيض.
وفي انتخابات 2016، في بنسلفانيا، وميشيغان، وويسكونسن (منطقة البحيرات العظمى)، وولايات متنافسة في الجنوب/حزام الشمس: أريزونا، وجورجيا، ونيفادا، فاز دونالد ترامب بخمس من الولايات الست، إذ خسر ولاية نيفادا فقط.
وتُعبّر أريزونا عن سلوك الولايات المتأرجحة، إذ فاز فيها بايدن عام 2020، حيث صوتت الولاية مرة واحدة فقط لصالح الديمقراطيين منذ عام 1976. وكانت الولاية قد صوتت لصالح ترامب في انتخابات عام 2016، وصوتت باستمرار لصالح المرشح الجمهوري حتى في الانتخابات التي لم تفز بها على المستوى الوطني، بما في ذلك عامي 2008 و2012.
كما أن الفوز بولاية بنسلفانيا، التي صوتت للديمقراطيين في كل سباق رئاسي باستثناء سباق واحد منذ عام 1992، سيكون بمثابة انقلاب كبير للجمهوريين في عام 2024. ولم تكن الولاية محورًا لسياسات "الاقتصاد الاقتصادي" لإدارة بايدن فحسب، بل إنها تحتوي أيضًا على مدينة سكرانتون، مسقط رأس الرئيس الأميركي.
ينعكس تاريخ التصويت في ولاية بنسلفانيا في ميشيغان، التي اختارت أيضًا الجمهوريين في انتخابات واحدة فقط منذ عام 1992. والولاية هي قلب صناعة السيارات الأميركية، وتضم مئات الآلاف من العمال ذوي الياقات الزرقاء الذين استهدفهم كل من بايدن (قبل انسحابه) وترامب في حملاتهم الأولى.
وقال كايل كونديك، مدير التحرير في "ساباتو كريستال بول" في مركز السياسة بجامعة فرجينيا، إنه من بين 538 صوتًا في المجمع الانتخابي، فإن السباق قد ينخفض إلى 43 صوتًا فقط موزعة على أربع ولايات: أريزونا وجورجيا وويسكونسن ونيفادا، باعتبارها الولايات المتأرجحة حقًا.
ويرى كونديك أن ولايتي ميشيغان وبنسلفانيا ولايتان تنافسيتان، لكنهما تتجهان نحو الديمقراطيين، وأن ولاية كارولينا الشمالية تشهد منافسة شديدة، ولكنها تميل حاليًا إلى الجمهوريين.
وقال كونديك: "حتى الآن، نتوقع نوعًا ما استمرارية لعامي 2016 و2020 في عام 2024، وفي النهاية مرة أخرى، انتخابات تنافسية للغاية، ولكن ليس هناك الكثير من الولايات التي تتمتع بقدرة تنافسية فائقة".
وأشار كونديك إلى أن خمسة من الانتخابات الرئاسية الستة الأخيرة أثبتت أنها تنافسية إلى حد ما ويحددها عدد صغير من الولايات، في حين أن الانتصارات القوية، مثل فوز الرئيس الأميركي رونالد ريغان بإعادة انتخابه في عام 1984، أصبحت نادرة على نحو متزايد.