الحسانيون، أو بنو حسان، هم مجموعة من عرب المعقل تُنسب إلى حسان بن المختار بن محمد بن معقل، كانت قد دخلت شمال إفريقيا ضمن الهجرة الهلالية التي اجتاحت بلاد المغرب منتصف القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي.
وخلال قرنين من التقلبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية، انزاحت هذه المجموعة إلى أطراف الصحراء أواخر القرن السابع الهجري/الرابع عشر الميلادي، قبل أن تساعدها مجموعة من الظروف لتواصل التعمق داخل مجال صنهاجة اللثام.
وبالمراوحة بين المسالمة تارةً والحرب تارة أخرى، تمكّنت قبائل بني حسان من بسط سيطرتها السياسية والثقافية على المجال والمجتمع الصحراويين عبر تأسيس فسيفساء من الإمارات، وانتشار لسانهم على حساب المحكيات المحلية، فضلًا عن تأثيرات عميقة أخرى بفعل عملية التثاقف بين الوافدين والسكان الأصليين، فما هي أبرز محطات المسار الطويل لهذه الهجرة نحو الغرب الصحراوي؟ وكيف تمكنوا من فرض نفوذهم السلطوي ونموذجهم الثقافي على المجتمع الصنهاجي؟ وما تأثير ذلك على جميع المستويات؟
مسار الهجرة الحسانية من مصر إلى الغرب الصحراوي
ارتبطت هجرة عرب المعقل ارتباطًا وثيقًا بـ"التغريبة الهلالية" التي انطلقت من صعيد مصر باتجاه شمال إفريقيا. وتذكر السردية المتداولة عنها تفاعل عدة عوامل أدت إلى هذا التهجير القبلي الكبير، منها السياسي ومنها المذهبي ومنها البيئي.
أما سياسيًا، فقد أراد الفاطميون حكّام مصر الانتقام من واليهم على إفريقيا المعز بن باديس الزيري الذي قرر الاستقلال بحكم إفريقي عام 440ه/1047م، فضلًا عن تبنيه للمذهب المالكي السني. وفي الفترة نفسها، كانت مصر تعيش أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى قلة الموارد وانتشار الجوع. وبتضافر هذه العوامل مجتمعةً، مع رغبة فاطمية في التخلص من عبء وتشويش هذه القبائل العربية، سوقت لهم بلاد المغرب كملاذ وحلٍّ، وأغرتهم بالغنائم والأسلاب، ومولت لهم تكاليف الرحلة ولو جزئيًا.
ورغم تواتر المصادر، ومبالغتها أحيانًا، في الأعداد الداخلة من الهلاليين إلى إفريقيا، ما جعل بعض الباحثين يصفهم بـ"الكارثة الهلالية"؛ فمن الملاحظ قلة عرب المعقل فيهم، حيث قدرهم ابن خلدون بمائتي نفر فقط، وأنهم إنما كثروا بمن انضاف لهم من القبائل الأخرى. وربما نجد تفسيرًا لذلك في ترجيح المؤرخ الموريتاني المختار ولد حامد أن بني معقل قد دخلوا إلى إفريقيا مع الهلاليين كأحلاف لهم. وبغض النظر عن هذا الإشكال الهام، فإن هذا الدخول الأول لهم إلى بلاد المغرب لم يكن سوى الخطوة الأولى من مسار طويل تراوح بين الهجرة والتهجير، إلى أن استقر بهم النوى في موريتانيا الحالية.
في البداية، تميزت تحركات بني معقل بصبغة عسكرية، حيث يفترض أنهم قد شاركوا في مختلف المعارك ضد بني زيري في القيروان والمهدية، وضد بني حماد في بجاية، وربما استعان بهم المرابطون في بعض غزواتهم في الأندلس والمغرب الأقصى. واستمر تقدمهم في بلاد المغرب إلى أن تمكن الموحدون في معركة سطيف عام 547ه/1153م من إيقاف تقدمهم العسكري، واتباع استراتيجية جديدة (أسماها أحد الباحثين سياسة "تهدين القبائل")، لكي تضمن كسر شوكة هذه القبائل من جهة، وضمان الاستفادة منهم من جهة أخرى.
اتسمت هذه المرحلة الجديدة بالتهجير القسري للمجموعات القبلية، وإعادة انتشارهم في المجال الموحدي، حيث قام الخليفة الأول عبد المؤمن بن علي (ت 558ه/1163م) بنقل ألف فرد من كل بطن من جهة وهران نحو المغرب الأقصى، كما فعل الخليفة المنصور (ت 595ه/ 1199م) الأمر نفسه ولكن بأعداد أكبر، وواصل الرشيد بن المأمون (ت 640ه/ 1242م) السياسة نفسها لكن بترحيلهم إلى الأطراف الجنوبية لملكه حيث السوس الأقصى على تماس مع منطقة الصحراء. وهنا بدأت المصادر تتحدث بوضوح عن عرب بني معقل، وذلك بفعل مشاركتهم في بعض الثورات أواخر الموحدين، وخصوصًا أثناء العصر المريني.
بالنسبة للمرينيين، كان من الضروري تأمين حدودهم الجنوبية حيث مسالك التجارة الصحراوية وذهب بلاد السودان، لذلك نلاحظ مراوحة ملوكهم، في سياستهم مع عرب المعقل، بين الغزو المباشر لهم لإخضاعهم، وبين توكيلهم على شؤون خفارة القوافل وتأمين الطريق الرابط بين السوس الأقصى وتمبكتو، مما أتاح للمعقليين التعرف على هذا المجال وإمكاناته الاقتصادية وفراغه من السلطة.
غير أن الكتلة المعقلية، قبل انسياحها إلى داخل العمق الصحراوي، كانت قد عرفت تصدعًا شديدًا، خصوصًا بين الجذمين الكبيرين الشبانات وذوي حسان، وذلك بفعل الاختلاف حول الموقف من السلطة المرينية ومعارضيها، فنجد الشبانات مع الأول وبني حسان مع الأخيرين، مما أسفر في النهاية عن تقاسم النفوذ والمجالات بينهما، فكان نصيب الحسانيين المجال الممتد من درعة إلى البحر المحيط إلى مشارف الصحراء، وهي اللحظة التي رصد فيها ابن خلدون تواجدهم قرب (مواطن الملثمين من كدالة ومسوفة ولمتونة). وبالتالي صاروا "أبعد في القفر"، لتبدأ مرحلة جديدة من رحلتهم الطويلة، هي مرحلة السيطرة على المجال.
بنو حسان في الصحراء: متى وكيف؟
لا يمكننا بدقة تحديد الفترة التي بدأت فيها قبائل بني حسان تتراجع في المجال الصحراوي، لكن من المحتمل أن هذه الصيرورة قد امتدت بين عصر ابن خلدون (القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي) وعصر ليون الإفريقي (القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي)، باعتبار أن الأول قد ذكر بداية دخولهم الصحراء، بينما عدد الثاني أسماء قبائلهم ومواضع تجمعاتهم في الصحراء، وأحيانًا أعداد جيوشهم المقاتلة.
وليس من المستبعد أن يكون للمجاعات والأوبئة التي اجتاحت المغرب الإسلامي دور في هذا النزوح، بدءًا من الطاعون الجارف لعام 749ه/1349م، مرورًا بمساغب القرن التاسع والنصف الأول من العاشر الهجريين، ما أسفر عن ظاهرة أسماها البعض "مهاجرو الجوع".
وقبل قدوم عرب بني حسان، وفي ظروف تغيب عنا تفاصيلها، كان الغرب الصحراوي موزعًا بين مجموعة من الإمارات الصنهاجية، أو الأحلاف اللمتونية، أبرزها تجمع أَبْدُوكل في الشمال، وإِينِيرْزِيك في الجنوب الغربي، وإِيدَيْشِيلِّي في الشمال الغربي. ورغم حالة التعايش السلمي التي طبعت علاقاتهم في البداية، إلا أنه كان على موجات الوافدين الدخول في صراع شرس وطويل مع هذه التجمعات، لا فقط من أجل الاستئثار بمغانم الإغارة والحرب، بل رغبةً حتى في بسط السيادة السياسية على المجال وساكنيه.
وفي عهد ليون الإفريقي، أصبحت خريطة توزع القبائل العربية على المجال الموريتاني شبه مكتملة وواضحة. ومن خلال معلوماته، نجد أن أبرز القبائل الحسانية التي دخلت الصحراء هي:
- أولاد دُلَيْم (في أطراف الصحراء الشمالية على مقربة من قبائل صنهاجة)، ويبلغ عددهم عشرة آلاف فارس، ويعتمدون نظام الإغارة فيما بين درعة والصحراء، ولا يعودون في أمر إلى قيادة واحدة.
- البَرَابِيش: يسكنون بين السوس والصحراء، وصفهم بالضعفاء، ربما لأنهم كانوا قد خضعوا لأولاد رزك قبل ذلك بقليل.
- الأَوْدَايَة: واعتبرهم أكبر تجمع للقبائل العربية وأقواها، يقطنون المنطقة الواقعة بين وادان وولاته، وربما امتد نفوذهم إلى العمق السوداني حيث مملكة مالي، مستفيدين من عدد كبير من المقاتلين يقدر بحوالي سبعين ألفًا، فضلًا عن مبالغته بأن عددهم لا يحصى.
- الرَّحَامْنَة: يسكنون أيضًا الصحاري الجنوبية للمغرب إلى مدينة تيشيت وسط موريتانيا، ولم يذكر شيئًا عن أعدادهم ولا نحلة عيشهم، غير أن ذهابهم إلى تيشيت كل شتاء قد يدل على ممارستهم التجارة بينها وبين أقَّا جنوب المغرب.
- أولاد أحمر (أعْمُرْ): سكنوا تكانت في الوسط الموريتاني، وربما مالوا قليلًا شرقًا نحو تَكَاوُوسَتْ (أودغست؟)، مع تحرك مقاتليهم، البالغ عددهم عشرة آلاف، في مجال يصل إلى واد نون.
وكانت أولى مراحل الصدام بين الوافدين والسكان مع مطلع القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، حين تواجهت قبائل أولاد الناصر الحسانية مع تجمع ابدوكل الصنهاجي في سلسلة حروب استغرقت قرابة عقدين من الزمن، ليتم تفكيك الحلف وإلحاقه سياسيًا بالحكام الجدد.
وخلال الفترة نفسها توجه فرع حساني آخر، يعرف بأولاد رِزْك، نحو منطقة القبلة (الجنوب الغربي) حيث يوجد التجمع القبلي المعروف بإِينِيرْزِيك، وتمكنوا من إخضاعه أيضًا، ثم قدمت مجموعة أولاد يحي بن عثمان إلى الشمال الغربي وسيطرت على مجال إمارة إِدَيْشِلي، لتتوالى هجرات بقية التجمعات الحسانية إلى المنطقة، ووصل بعضها إلى أقصى الشرق الموريتاني حيث الحاضرة التليدة إيوالاتن.
وكان من المنطقي بعد سلسلة الهجرات هذه نحو الصحراء أن يصبح الصراع على مناطق النفوذ بين الوافدين أنفسهم، وكان من أبرز تجلياته هزيمة المغافرة لأولاد رزك في معركة انْتِيتَام سنة 1040ه/1630م، والحلول بدلًا منهم كحكام للجنوب الغربي حتى مقدم الفرنسيين، وكذلك الصراع بين أولاد داوود والعروسيين في منطقة الحوض، ثم بينهم وبين أولاد امبارك، فضلًا عن بقاء ذماء من "المقاومة" بين المجموعات الصنهاجية (مثل إيدوعيش)، شكّل حصار لحنيكات لعام 1778 قمته، وإن لم ينجح في القضاء على الإمارة اللمتونية.
وهكذا تقاسمت المجال الموريتاني مجموعة تشكيلات سياسية اصطلح على تسميتها بالإمارات الحسانية، تعود كل واحدة منها إلى الجد الجامع للفرع المؤسس، مثل إمارة الترارزة (نسبة إلى تَرُّوز بن هَدَّاج بن عمران) في الجنوب الغربي الموريتاني، وإمارة لبراكنة (نسبة إلى بَرْكَنِي بن هداج بن عمران) في الوسط، وإمارة أولاد يحي بن عثمان في الشمال الغربي، وإمارة أولاد امبارك في الحوضين.
ورغم الاقتتال الشديد والطويل بين هذه الإمارات، وأحيانًا داخل البيت الواحد، استطاعت أن تستمر في الوجود بنسب متفاوتة في القوة والضعف، ولم يقض عليها سوى الحضور الفرنسي مطلع القرن العشرين. لكنها استطاعت، وبشكل بطيء ومطرد في الوقت نفسه، أن تؤثر عميقًا وعلى أكثر من مستوى في البنى الثقافية للمجتمع الجديد.
التأثيرات الثقافية للهجرة الحسانية
هناك جدل قائم بين الباحثين الموريتانيين حول الرأي القائل بأسبقية اللغة والثقافة العربيتين في المجتمع الصحراوي على الهجرة الحسانية، والرأي الذي يعتبرهما من حسنات هذه الهجرة إلى البلاد. ولا يرى البعض أي تناقض بين أسبقية التعريب لدى الصنهاجة على هذه الهجرة وارتباطه بها في الوقت نفسه، باعتبار انتشار اللغة العربية في الواحات الشمالية للصحراء، وهجرة سكانها جنوبًا قبل قدوم عرب المعقل.
وعمومًا، فإن عملية مثاقفة كبيرة قد حدثت بين المجتمعين الصنهاجي والحساني، جعلت كل واحد منهما يستعير من الآخر بعض عناصره. ولكن بما أن الغلبة السياسية كانت للعرب، أصبحت ميكانيزمات الترقي الاجتماعي، ومحاولات التموضع في مكان عال من الهرم (للخلاص من التبعات المجحفة للتابع)، تَفرض على الجميع التمثل بالسمات السيادية لغة ونسبًا وسلوكًا.
وقد أسفرت السيطرة الحسانية عن انتشار سريع وواسع للهجتهم العربية على حساب المحكيات البربرية والسودانية التي كانت رائجة قبلهم. ورغم القاعدة الخلدونية التي تقول: "إن المغلوب مولع دائمًا وأبدًا بتقليد الغالب"، فإن بعض الباحثين ينفي أي دور للقصدية السياسية في هذا التحول اللساني، مع تأكيده في الوقت نفسه على أن الدارجة الحسانية أصبحت رمزًا للقوة والنفوذ، فضلًا عن أهميتها الدينية المتمثلة في ضرورة اكتساب المعارف الإسلامية من أصولها، في حين مزج آخرون بين ذلك وبين المشترك الثقافي الصنهاجي الحساني، حيث تم عزو انتشار التعرب إلى: "وحدة الدين والثقافة العربية الإسلامية، وتماثل أنماط العيش بين عرب المعقل وصنهاجة الصحراء البدو الرحل".
كما أن الحقل اللغوي في الصحراء كان منقسمًا بين عدة محكيات تطبعها الشفاهية أساسًا، في حين كانت اللغة العربية مكتوبة، مما ولد الحاجة إلى لغة جامعة بدلًا من التعددية اللهجية، خصوصًا خلال مرحلة الانتقال من الاقتصاد الشفاهي إلى الاقتصاد الكتابي.
وعلى مستوى آخر، تشكلت في المجتمع الجديد هرمية اجتماعية تصنّف عناصره إلى محاربين ومشتغلين بالثقافة وتابعين لكليهما، خصوصًا بعد نهاية الصدام الشديد المعروف بـ"حرب شرببة" في النصف الثاني من القرن السابع عشر. وعلى هذا الأساس التصنيفي، أصبحت لدينا قمة ذات رأسين يتقاسمان السيادة السياسية والروحية على البقية، حيث اختار بنو حسان السلاح واختار الزوايا الخطط الدينية والتربوية (مثل الإمامة والقضاء والفتيا والتعليم)، بينما تم فرض نوع من التخصص الفئوي على بقية التشكيلات الاجتماعية، وذلك بحسب الصنائع والحرف، وقد كانت الضرائب والمغارم على الأتباع نموذجًا على هذه التراتبية، حيث فرضت على كل أنماط الإنتاج حتى لا يكاد يخلوا منها أي نشاط تجاري أو نفعي جل قدره أو حقر.
وإلى هذا الوضع الجديد، يعزو الباحث عباس أبراهام ظاهرة "صناعة الأنساب.. وكتابة التاريخ بأثر رجعي"، بحيث أصبح الانتماء إلى أحد الأجذام العربية الكبرى ملاذًا للخلاص من الإلحاق والتبعية. وبالتالي انتشر الانتساب العربي في المجتمع الجديد، مع ملاحظة الباحث المذكور: "أن التعرب لم يكن يعني العروبة العاربة – أي النسبية – بل كان يعني العروبة المستعربة - اللسانية"، وإلى هذا المعنى أشار أحد علماء المنطقة بقوله:
"إن لم تقم بينات أننا عرب.. ففي اللسان بيان أننا عرب".
ولا تزال المسألة النسبية تُسيل إلى اليوم الكثير من الحبر في موريتانيا، لأن العديد من القبائل قد تشكلت بفعل تداخل الهويات، بحيث أصبح من الصعب تقصي أصولها، مع ما تفرضه الأخلاقيات البحثية اليوم من ضرورة التسليم بالقاعدة الشهيرة التي تقول: "إن الناس مصدقون في أنسابهم".
ومن ناحية أخرى، كان من التأثيرات الثقافية البارزة للهجرة الحسانية إلى موريتانيا إدخال تغييرات في سلوك وأعراف المجتمع الصحراوي، بحيث ترك عادة التلثم التي طبعت طويلًا تاريخه، وشكلت جزءًا من هويته الثقافية. كما التزم إطالة شعر الرأس بدل حلقه، واستبدل تقليد الثأر من القاتل باعتماد الدية.
وفي المقابل، تماهت القبائل العربية مع الثقافة الصنهاجية، وربما ترك البعض منها العوائد المغفرية وتمثُّلِ قيم العرب، ليدخل في عداد الزوايا، وذلك من خلال ما يعرف بظاهرتي التوبة والهجرة، وتعنيان التخلي عن حمل السلاح وحياة الكر والفر، والانخراط في الحياة الثقافية، وتقمص المثل الزاويّة.
وفي المحصلة، يبدو أن المسار الطويل الذي قطعته "التغريبة الحسانية" قد آتى أكله في النهاية، حيث وجد عرب المعقل في الغرب الصحراوي مراغمًا كثيرة وسعة، فأسسوا لأول مرة في تاريخهم نظامًا أميريًا على درجة من التنظيم رغم علاته، فرض سطوته الجبائية على الساكنة، واستخدموا سلاحهم السلمي، ممثلًا في اللغات والأنماط السلوكية، لتوحيد اللسان وتغيير الأعراف. كما تأثروا بدورهم بالثقافات المحلية، وتماهوا معها حتى صارت بهم ألصق من ثقافاتهم الأصلية. وبعد عدة قرون من التفاعل، أصبحت الثقافة الحسانية محصلة لهذا التاريخ الطويل من "التثاقف" بين مختلف العناصر.