اللغة الإنجليزية

كيف اجتاحت اللغة الإنجليزية ألسنتنا؟

10 سبتمبر 2024

تقدّمت لوظيفة في إحدى الدول الخليجية عام 2010. وبعد أيام، هاتفني أحد موظفي الموارد البشرية وعيّن لي موعدًا لإجراء مقابلة العمل عبر الهاتف مع مسؤول قسم التوظيف. بعدها بأسبوع تقريبًا، هاتفني ذلك الشخص وتحدثنا قليلًا قبل بدء المقابلة بلغة عربية واضحة، لكن ما إن بدأنا المقابلة حتى أخذ يطرح أسئلته باللغة الإنجليزية.

استغربت ذلك حينها بل استهجنته بعض الشيء. لكني سأعرف لاحقًا أن هذه اللغة هي اللغة الرسمية لعالم الأعمال مهما تنوعت الأعراق واختلفت الجغرافيا.

في هذه المقالة، سوف نستكشف تاريخ اللغة الإنجليزية ونتتبع تطورها من جذورها الجرمانية إلى مكانتها العالمية، باعتبارها لغة مشتركة في القرن الحادي والعشرين. وسوف نلقي نظرة فاحصة أيضًا على العوامل الرئيسية التي ساهمت في انتشارها واعتمادها حول العالم.

كيف تصبح اللغة عالمية؟

ما الذي يتطلبه الأمر لكي تصبح لغة ما لغة عالمية؟ الجواب على هذا السؤال متشعب، إلا أنه يمكننا القول إن اللغة العالمية تتميّز بأنها تُعلَّم في غالبية الدول كلغةٍ ثانية، وتُستخدم كلغة مشتركة في المجالات المهمة كالتجارة والعلوم والثقافة. واللغة الإنجليزية تستوفي هذين الشرطين تمامًا.

يبلغ عدد الأشخاص الناطقين باللغة الإنجليزية، كلغةٍ أولى، حوالي 400 مليون شخص، فيما يتحدثها كلغة ثانية أكثر من مليار ونصف، وهكذا تتبوأ المرتبة الأولى كلغة ثانية يتحدثها الناس حول العالم. كما أنها اللغة الرسمية في 59 دولة، بالإضافة إلى 27 دولة أخرى تعتبرها لغة أساسية. ويشكّل عدد الناطقين بالإنجليزية كلغة أولى وثانية حوالي 25% من سكان العالم، ما يجعل منها لغة مشتركة لسكان الكوكب.

تاريخيًا، استطاعت بعض اللغات أن تهيمن لبعض الوقت مثل الآرامية واللاتينية والفرنسية والعربية والإسبانية. لكنّها، مع ذلك، لم تستطع التوسّع بهذا الشكل لتشمل القارات أجمعها.

الأصول

أخذت اللغة الإنجليزية اسمها من المكان الذي انطلقت منه: إنجلترا. لكنّ جذورها العميقة نبتت على البرّ الرئيسي للقارة الأوروبية قبل الانتقال إلى الجزيرة البريطانية. 

قبل الحكم الروماني للجزر البريطانية، من عام 43 إلى 410 ميلادي، كان السكان يتحدثون اللغة السلتية على نطاق واسع بلهجات مختلفة. ومع وصول الرومان، تأثرّت اللغات المحلية كثيرًا باللغة اللاتينية، والعديد من الكلمات الإنجليزية اليوم لها جذورها في هذه اللغة.

وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي، عبرت القبائل الجرمانية، مثل "الأنجل" و"السكسون" و"القوط" القناة - التي صارت تُدعى القناة الإنجليزية في القرن الثامن عشر- واختلطوا مع السكان البريطانيين، وسرعان ما تم اعتماد لغتهم، التي تعرف اليوم باسم "الإنجليزية القديمة" كلغةٍ مشتركة في هذه الزاوية النائية من أوروبا. 

الاستعمار
ساهم الاستعمار البريطاني في نشر اللغة الإنجليزية (ميغازين)

قدّم المستوطنون الأوروبيون الغربيون، من فرنسا والدنمارك وهولندا وألمانيا، معجمًا جديدًا ساهم في تشكيل اللغة المتطورة في المنطقة. عُرفوا باسم الأنجلوسكسونيين، وكان لهم تأثير ثقافي ولغوي كبير، مما أدى إلى تطوير اللغة الإنجليزية القديمة أو الأنجلوسكسونية.

ومع مرور الوقت، تنوعت اللغة الإنجليزية القديمة بسبب اختلاط الأجانب والسكان المحليين، وعكست الأصول المتنوعة للممالك الأنجلوسكسونية، مثل "كنت" و"مرسيا" و"نورثمبريا" و"غرب ساكسون"، حيث أصبحت الأخيرة في النهاية اللهجة السائدة.

ومع نهاية القرن الثامن وبداية القرن التاسع، غزت قبائل "الفايكنج" بريطانيا، مما أحدث تحولًا ثقافيًا مرة أخرى، إذ اختلطت اللغة الإنجليزية القديمة مع اللغة الإسكندنافية القديمة واللاتينية، مما أضاف إلى اللغة الإنجليزية أكثر من ألفي كلمة جديدة. 

وعلى هذا الأساس، تنوعت اللغة الإنجليزية خلال فترة حكمهم التي استمرت حوالي ثلاثمائة عام، وشمل ذلك اعتماد المفردات والقواعد "الإسكندنافية القديمة" في اللغة الإنجليزية العامية.

في القرن الحادي عشر، بدأ الغزو النورماندي لبريطانيا بقيادة ويليام الفاتح، وكان لهذا الغزو تأثيرًا كبيرًا على اللغة الإنجليزية القديمة، حيث حمل الفرنسيون معهم تراثهم ولغتهم. وكان هذا بمثابة بداية عصر اللغة الإنجليزية الوسطى.

وفي ذلك الوقت، كانت الفرنسية لغة السلطة والملوك، لكن اللغة الإنجليزية استمرت في التطور والنمو من خلال تبني الكثير من المفاهيم والكلمات اللاتينية والفرنسية المتطورة، فلا عجب إذن أن 45% من مفردات اللغة الإنجليزية مشتقة من الفرنسية. ويمكننا القول إن ويليام الفاتح غيّر مسار التاريخ الإنجليزي إلى الأبد.

أصبحت اللغة الإنجليزية في القرن الرابع عشر لغة القانون والبرلمان في بريطانيا خلال نهاية الحكم الفرنسي، وحدث تغيير واضح في النطق يُعرف باسم التحول الكبير في حروف العلة، والذي أصبح حافزًا رئيسيًا لتوحيد التهجئة الإنجليزية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. 

واستمرت اللغة في التقدم بدءًا من العام 1589 مع مسرحيات وروايات ويليام شكسبير الشهيرة، حيث قدّم، أو بالأحرى ابتكر، أكثر من ألفي كلمة إنجليزية جديدة. ثم تلا هذا العصر "عصر النهضة" الذي أدخل العديد من الكلمات والعبارات الجديدة إلى اللغة.

وأدى اختراع المطبعة إلى إنشاء لغة مشتركة في الطباعة، وجعل الكتب والقراءة في متناول السكان المحليين، مما عجّل في توحيد التهجئة والقواعد وأصبحت لهجة لندن، حيث توجد معظم دور النشر، هي المعيار. وتم نشر أول قاموس إنجليزي في عام 1604، وبدأ حينها عصر الإنجليزية الحديثة. وربما من المهم هنا الإشارة إلى أن أول ملك لإنجلترا كان يتحدث الإنجليزية كلغته الأم، هو هنري الرابع عام 1399 ميلادي.

كيف اجتاحت العالم لغة أربع ملايين نسمة في جزيرةٍ غرب أوروبا؟ 

لماذا تحظى اللغة الإنجليزية بهذه الشعبية الكبيرة؟ ولم أصبحت اللغة الأكثر انتشارًا في العالم؟ وما هي العوامل الخارجية والداخلية التي أدّت إلى هذا الأمر؟

إن التنقيب وراء تحوّل اللغة الإنجليزية إلى لغة عالمية يُعيدنا إلى القرون الأربعة الماضية، ويمكننا ترتيب الأحداث بشكل شبه زمني كالتالي:

  • الاستعمار البريطاني: اتّبع التاج البريطاني سياسات استعمارية عدوانية في القرن السادس عشر جعلت اللغة الإنجليزية تنطلق من تلك الجزيرة الصغيرة، غرب أوروبا، مع المحتلين لتحتل معهم معظم مساحة اليابسة. وهنا يجب الإشارة إلى أن الإمبراطورية البريطانية في ذروتها كانت تسيطر على خُمس مساحة الأرض، ويعيش ضمنها ربع سكّان العالم.

كما أخذ البحارة والجنود والتجار والمبشرون اللغة الإنجليزية حول العالم، وهاجر المتحدثون باللغة الإنجليزية أيضًا إلى أميركا الشمالية. وبطبيعة الحال، لم يكونوا الشعب الوحيد الذي استقر هناك. لكن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة أدركوا أهمية اللغة الإنجليزية، وعملوا على تعزيز مكانتها كلغة الأغلبية.

  • الثورة الصناعية: بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا العظمى، وحققت خلال هذه الفترة تقدمًا اقتصاديًا وعسكريًا على باقي الدول، مما جعلها محورًا للتقدم العلمي. وخلقت الثورة الصناعية كلمات جديدة، وكانت العديد من الابتكارات التقنية من أصل بريطاني، مما أجبر الناس على تعلّم اللغة الإنجليزية من أجل قراءة دليل تشغيل الآلات.
  • التجارة الدولية: أضحت بريطانيا العظمى في منتصف القرن الثامن عشر الدولة التجارية الرائدة في العالم، وسيطرت على إمبراطورية تجارية عالمية مع مستعمرات في استراليا وأمريكا الشمالية ومنطقة البحر الكاريبي، وهيمنة عسكرية وسياسية كبيرة على شبه القارة الهندية، من خلال أنشطة شركة الهند الشرقية، والكثير من البلدان الأسيوية والإفريقية. بدأ البريطانيون بعملية استثمار وبيع موارد تلك الدول المستعمرة، ومن الطبيعي أن يستخدموا لغتهم في العلاقات التجارية الجديدة ما دفع بها أكثر إلى الواجهة. 

أصبحت اللغة الإنجليزية تدريجيًا ذات أهمية متزايدة عالميًا. لكنها، مع ذلك، لم تكن اللغة الأوروبية الأولى للاستعمار. ومنذ القرن السابع عشر، كان من الشائع أكثر بالنسبة لأولئك الذين لديهم لغات أصلية مختلفة التواصل باللغة الفرنسية التي كانت تعتبر لغة الدبلوماسية. لذلك فإنه من الواضح أن اللغة الإنجليزية لم تصبح متفوقة بسبب الإمبراطورية البريطانية فقط.

  • الحربين العالميتين الأولى والثانية: تعزّز دور اللغة الإنجليزية مع تعزز المواقف المهيمنة للدول الناطقة بها بعد اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث انتقلت الهيمنة العالمية من يد بريطانيا إلى يد ربيبتها الولايات المتحدة الأميركية. وقد أعطت خطة "مارشال" بشكل خاص دفعة كبيرة للغة الإنجليزية داخل البرّ الأوروبي القاري. 

كانت الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) مدمّرة لمعظم الدول الأوروبية والاتحاد السوفيتي واليابان، لكنها كانت على النقيض من هذا بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي شهدت بعد الحرب تطورًا كبيرًا في مجالي العلم والتكنولوجيا بما في ذلك تكنولوجيات الحاسوب التي أصبحت محركًا لتطوير المجتمع البشري. هذه التكنولوجيا بكل مصطلحاتها واختصاراتها ولغات برمجتها مكتوبة بالإنجليزية.

يُظهر التاريخ أن اللغة الإنجليزية لم تكن لتصبح اللغة المشتركة في العالم أبدًا، لو لم تتطور الولايات المتحدة إلى مثل هذه الدولة القوية. وعدا عن ذلك، عزز ازدهار الاقتصاد الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية من هذه اللغة باعتبارها اللغة الرائدة في التجارة والتمويل.

ونتيجة لذلك، انتشر النفوذ الأميركي على نطاق واسع، حيث كانت جميع الدول بحاجة إلى التجارة مع الولايات المتحدة، وكانت القدرة على التحدث باللغة الإنجليزية أمرًا بالغ الأهمية لأولئك الذين يبحثون عن وظائف في مجال الأعمال أو السياسة.

واللافت أن اللغة الثانية الأكثر انتشارًا في الولايات المتحدة قبل الحربين العالميتين كانت هي الألمانية، لكن الإعلام قاد حملة كبيرة موجّهة تحت عنوان عدم تكلّم لغة الأعداء، فتمّ القضاء على الألمانية ولغات أخرى، وهذا ما يسمى ببوتقة انصهار الأمم التي حصلت في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تم استخدام اللغة كإحدى أدوات الوحدة الوطنية وفرضها بعيدًا عن شعارات الحرية والديمقراطية الرنانة.

  • سقوط الاتحاد السوفيتي: أدّى انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991 وتفككه إلى انتهاء الحرب الباردة بينه وبين الولايات المتحدة، فتحوّلت الأخيرة إلى "القوة العظمى الوحيدة" في العالم. وبينما انشغلت دول الاتحاد المفكك في لملمة شتاتها ومحاولة الوقوف على قدميها مجددًا، بسطت الولايات المتحدة نفوذها على العالم، فازداد معها انتشار اللغة الإنجليزية.
  • العولمة وتكنولوجيا المعلومات: ساهم نمو تكنولوجيا المعلومات في أواسط التسعينيات في تحويل اللغة الإنجليزية إلى لغة ثانية للجميع على الشبكة العنكبوتية. وساعد اختراع الإنترنت على تسريع انتشار اللغة وإنشاء معجم تقني واسع للمصطلحات الإنجليزية لأجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا، إذ تعتمد الأجهزة والبرامج الخاصة بأجهزتنا الذكية، وكذلك الإنترنت نفسه، وبشكل كبير، على الكلمات والعبارات الإنجليزية التي أصبحت عالمية. ويرجع ذلك، جزئيًا، إلى لوحة المفاتيح اللاتينية المستخدمة في الكتابة بالعديد من اللغات، مما سهل انتشار المصطلحات المستندة إلى اللغة الإنجليزية.

وفي عصر تكنولوجيا المعلومات، تُستخدم اللغة الإنجليزية في نشر الأوراق العلمية (بحوث، تقارير، مقالات)، ووصف البرامج، وإنشاء دليل التشغيل لأجهزة الحاسوب والأجهزة الذكية. كما تتكون معظم موارد الإنترنت، أي ما يصل إلى 90 بالمئة، من اللغة الإنجليزية التي تتيح أيضًا إمكانية الوصول إلى أرقى الجامعات في العالم، وهذا يعدّ حافزًا كبيرًا للشباب من مختلف البلدان لتعلّم اللغة.

  • قوة الجذب الشعبية: اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة في صناعة السينما والموسيقى، وقد لعبت هوليوود دورًا مهمًا في ترسيخها كلغة عالمية طالما أن أفلامها تمتلك أكبر جمهور في العالم. والأمر ذاته ينطبق على عالم الموسيقى، حيث ساهم ظهور موسيقى "الجاز" و"الروك أند رول" وأنواع أخرى، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في انتشار اللغة الإنجليزية خارج عالم التجارة إلى عالم الترفيه، إذ هناك مناطق قليلة من العالم لم تصلها موسيقى "البيتلز"، وسوف تسمع نغمات "فريدي ميركوري" الهادئة الصادرة من أجهزة الراديو في كل مكان تقريبًا. 

تلخيص

نشر الاستعمار البريطاني إذًا اللغة الإنجليزية في الجهات الأربع من الأرض، ثم قامت الولايات المتحدة الأميركية بالبناء على هذا الزخم وترسيخه. وبما أن العالم أصبح أصغر بسبب العولمة والتكنولوجيا، فقد أصبحت اللغة الإنجليزية لغة عالمية.

ثمّة رأي شائع يقول، إنه مقارنةً باللغات المختلفة، يمكن للمرء ملاحظة أن اللغة الإنجليزية سهلة التعلّم ويعود ذلك إلى قواعدها النحوية البسيطة والمباشرة، حيث تحتوي على بنية جملة بسيطة نسبيًا، مع ترتيب الكلمات بين الفاعل والفعل والمفعول به، وعدد قليل نسبيًا من التصريفات، أو التغييرات في شكل الكلمات للإشارة إلى الزمن أو الحالة أو الجنس أو الرقم.

شكسبير
ابتكر شكسبير الكثير من الكلمات الإنجليزية (ميغازين)

كما تمتلك اللغة الإنجليزية أيضًا مفردات كثيرة، ولكن معظمها مشتق من اللغات اللاتينية واليونانية والجرمانية، وهذا يعني أن العديد من الكلمات تشبه الكلمات الموجودة في اللغات الأخرى، مما يسهل تعلمها وتذكرها.

في المقابل، وعلى النقيض تمامًا، ثمّة رأي معارض يقول إن اللغة الإنجليزية هي في الواقع لغة صعبة الإتقان نسبيًا، وذلك بسبب عدد مفرداتها الهائلة وقواعدها النحوية غير المتسقة. وما يزيد الطين بلة أن العدد الكبير من المتحدثين بها، والجنسيات المتنوعة لهؤلاء المتحدثين، يتسببون في تعقيد اللغة أكثر وأكثر بمرور الوقت، حيث هناك اختلافات كبيرة بين اللغة الإنجليزية الأميركية والإنجليزية البريطانية. لذلك قد تتفاجأ عندما تعلم أن قاموس أوكسفورد الإنجليزي يحتوي الآن على العشرات من الكلمات الإنجليزية النيجيرية.

لكل من الرأيين السابقين دلائل وقرائن ومطالعات متنوعة، لكني أعتقد أن قوة اللغة لا ينبع من داخلها بل من قوّة الأشخاص الذين يتحدثون بها.

الواقع

اللغة الإنجليزية هي اليوم لغة أقوى دولة على وجه الأرض، عدا عن أنها اللغة الرسمية الثالثة للاتحاد الأوروبي، حيث تمت صياغة ما يقارب من 95 بالمئة من جميع نصوص البرلمان الأوروبي باللغة الإنجليزية.

وهي لغّة التجارة العالمية والأعمال، واللغة الرئيسية للدبلوماسية الدولية، ولغة التعليم، والعلوم والتكنولوجيا والأبحاث وأغلبية المجلات الأكاديمية، إذ أن 96 بالمئة من المقالات العلمية تنشر اليوم بالإنجليزية، وكذا صناعة الأخبار والترفيه، وهي لغة قطاع السفر ومراقبة الحركة الجوية والبحرية. 

كما أنها اللغة الأكثر شيوعًا على الإنترنت، واللغة التي يستعملها معظم المسافرون الدوليون أصحاب اللغات الأصلية المختلفة للتواصل فيما بينهم. ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن اللغة المفضلة للمنشورات المكتوبة هي اللغة الإنجليزية، كما أن الكتب المكتوبة بلغات أخرى تتم ترجمتها إلى الإنجليزية في مرحلة ما، وهذا يعني أن الإنجليزية لا يتم الحديث بها على نطاق واسع فقط، بل تتم قراءتها على نحو أوسع أيضًا.

ويجد الشباب اليوم أن اللغة الإنجليزية تمنحهم فرصًا أكبر للتواصل (بشكل مباشر أو عبر الإنترنت) وبناء مستقبل مهني أفضل، خصوصًا في الشركات متعددة الجنسيات، إذ يحتاج الناس إلى التأثير من أجل إحداث التغيير، ويحتاجون إلى التحدث باللغة الإنجليزية ليصبحوا مؤثرين.

وإحدى الطرق المباشرة لتتبع التأثير المتزايد للغة الإنجليزية، هي الطريقة التي تغلغلت بها مفرداتها في العديد من اللغات الأخرى. فعلى مدار ألف عام أو أكثر، كانت اللغة الإنجليزية مستوردًا كبيرًا للكلمات، ولكنها خلال القرن العشرين، عندما أصبحت الولايات المتحدة القوة العظمى المهيمنة وأصبح العالم أكثر ارتباطًا، أصبحت مصدرًا صافيًا للكلمات. 

نظرة إلى المستقبل

هل ستبقى اللغة الإنجليزية هي اللغة المسيطرة؟ هل بإمكان لغات أخرى أخذ مكانها؟

يبدو أن اللغة الإنجليزية ستبقى مسيطرة في المستقبل المنظور نظرًا لقوتها وشموليتها في الحاضر، لكن لا شيء يدوم الى الأبد، وقد نشهد انتشار لغة مشتركة جديدة، خصوصًا مع صعود قوى اقتصادية جديدة منافسة للولايات المتحدة ستحمل لغتها الى الأسواق الجديدة مثلما حملت السفن الإنجليزية لغتها إلى المستعمرات. ومن المحتمل، بحسب رأيي، أن يأتي تراجع اللغة الإنجليزية بعد تراجع الدولار الأميركي.

الكلمات المفتاحية

الأكثر قراءة

1

حكاية سيد درويش.. الحب والثورة والزوال

اعتُبر سيد درويش مخلّصًا للأغنية المصرية من عجمتها التركية، وقال البعض إنه أعاد الموسيقى إلى أصلها العربي كما كانت في زمن الخلافة العباسية

2

كل شيء رائحة.. العطور العربية في حياتها وموتها

تحدّث الرومان واليونانيون قديمًا بإعجاب عن بخور وطيوب سبأ، لدرجة أنهم وصفوا سكانها بأنهم من أثرى شعوب العالم، وأنهم يأكلون في أوعية من الذهب، ويسكنون بيوت فارهة

3

من يمتلك الإنترنت؟

تقول ولادة شبكة الإنترنت الكثير من ناحية تحولها إلى مجال للسيطرة والربح، خصوصًا حين نضع نصب أعيننا أنها استراتيجية اتصالية أميركية

4

"يا ما في الجراب يا حاوي".. الحواة من إبهار الشارع إلى شاشات التليفزيون

لم يكن الحواة فئة طارئة على المجتمع المصري، فقد تواجدوا في الشوارع والميادين العامة منذ القرن التاسع عشر الميلادي

5

طيف جيم كرو الذي لم يغادر الولايات المتحدة

أضفت قوانين جيم كرو شرعية قانونية على سياسة الفصل العنصري، وساهمت في ترسيخ ثقافة فوقية تضع السود في مرتبة أدنى من البيض، وتعزز العنف الممنهج ضدهم

اقرأ/ي أيضًا

من يمتلك الإنترنت؟

من يمتلك الإنترنت؟

تقول ولادة شبكة الإنترنت الكثير من ناحية تحولها إلى مجال للسيطرة والربح، خصوصًا حين نضع نصب أعيننا أنها استراتيجية اتصالية أميركية

رائد وحش

قادة دول بريكس
قادة دول بريكس

ماذا يعني "بريكس" الشرق أوسطي؟

تتباين أجندات الدول المنضمة من المنطقة إلى بريكس بلس بشكل كبير يصل إلى حد التناقض، مقارنةً بأجندات الدول المؤسسة للمجموعة، التي تتسم هي الأخرى بالتباين

طارق الكحلاوي

جنود من الدروز يخدمون في الجيش الإسرائيلي

كيف نفهم خدمة الدروز والبدو في الجيش الإسرائيلي؟

انخرط الدروز والبدو الفلسطينيين في جيش دولة الاحتلال بسبب سياساتها الاستعمارية القائمة على تقسيم المجتمع الفلسطيني، واستغلال حاجة الأقليات/الجماعات الصغيرة للأمان والبقاء

هبة حمارشة

دونالد ترامب

ترامب رئيسًا.. هل أفسحت كامالا هاريس الطريق لعودته؟

يبدو أن أداء إدارة بايدن وهاريس كان بالنسبة للناخب الأميركي أسوأ من أن تكافأ بالتصويت لها من إعادة انتخاب ترامب

حسن زايد

ولايات الحسم السبع

ولايات الحسم السبع.. ما الحسابات التي قد ترجّح فوز ترامب أو هاريس في الانتخابات؟

أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تقاربًا شديدًا بين كامالا هاريس ودونالد ترامب في الولايات السبع المتأرجحة، مما يصعّب التنبؤ بالفائز قبل اكتمال فرز الأصوات غدًا الثلاثاء

محمد يحيى حسني

المزيد من الكاتب

فايز غازي

كاتب وروائي لبناني

من الريشة إلى القلم الإلكتروني.. عكازة الكلمات

يمتد تاريخ القلم من أدوات بدائية استخدمت في الرسم على الكهوف إلى تطورات مثل أقلام الريشة والفولاذ والحبر الجاف، وصولًا إلى القلم الإلكتروني

الدولار الأميركي: وجه النفوذ الحقيقي

لم يتأسس الدور الذي يلعبه الدولار باعتباره العملة الاحتياطية الأساسية بموجب مرسوم ما، وإنما بسبب ظهور الولايات المتحدة باعتبارها أقوى اقتصادات العالم