المنشطات في كرة القدم

المنشطات في كرة القدم: رقصة الشيطان على الأرض الخضراء

5 سبتمبر 2024

يظن الجميع أن الكل سواسية داخل المستطيل الأخضر، فلا فرق بين لاعبٍ وآخر إلا بالمهارة الفردية والقميص الذي يرتديه. إلا أن هذا الظن قد يكون في غير محله، خصوصًا أن هناك فريقًا طبيًّا ينتظر خروج بعض اللاعبين لأخذ عينات من دمهم، بهدف التأكد مما إذا كانوا يحاولون الخروج من صورة التساوي تلك من خلال مادة ما حقنوها في أجسادهم قبل صافرة البداية.

لذا فإن واحدة من أكبر المشاكل التي تهدد لاعبي كرة القدم هي تعاطي المواد المنشطة، إذ لا ترحم هذه اللعبة من يتعاطى أي مادة محظورة. وعلى عكس رياضات القتال، قد يتسبب تعاطي المنشطات في كرة القدم بإنهاء مسيرة اللاعب بسبب القوانين القاسية التي يُراد منها ضمان تطبيق المساواة في الملعب.

تعريف التعاطي بالنسبة لكرة القدم

يُعتبر كل ما يُحسّن من أداء اللاعب، بعيدًا عن الفيتامينات والمواد المعروفة طبيًا، من المواد الممنوعة. وهذه المواد ترفع من قوة اللاعب بشكلٍ غير طبيعي، ويظهر أثرها في قوة تحمل اللاعب لمبارياتٍ طويلة متتابعة، خاصةً عندما يظل أداء اللاعب في أعلى مستوياته طوال الـ90 دقيقة دون أن يتعب من الجري بعرض الملعب وطوله حتى في الوقت الإضافي.

وتحدث الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، والتي تعمل مع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" مباشرةً، قاعدة بيانات الممنوعات بشكلٍ دوري، ودائمًا ما تُحذِّر اللاعبين من تعاطي أي مكملات أو أدوية بدون تفقد هذه القائمة التي تتضمن التالي: 

  • المنشطات البنائية.
  • هرمونات النمو وما يشابهها.
  • ناهضات بيتا 2 الأدرينالية.
  • مواد تغيير الأيض.
  • مواد حجب آثار التعاطي عن التحاليل.
  • مواد تحسين الأداء الرياضي.
  • المخدرات.
  • مشتقات نبات القنب.
  •  الهرمونات القشرية السكرية.

وتوجد الكثير من هذه المواد، عدا مشتقات القنب والمخدرات، في الكثير من الأدوية التي يصفها الأطباء للكثير من الحالات المرضية عضويًا ونفسيًا. ولهذا السبب، تنادي الاتحادات الدولية، لأي رياضة، بالتواصل مع الجهات المختصة قبل تعاطي أي أدوية موصوفة لهم من قِبل الأطباء للتأكد من خلوها منها، أو لتسجيل دخول بعضها للاعبين بطريقة شرعية مثبتة.

أقوال متضاربة بشأن أول حالة تعاطي أبُلغ عنها في كرة القدم

يُقال إن أول حالة تعاطٍ للمنشطات كانت في ألمانيا الشرقية، وقد وثقها نورمان فريمان في كتابه "الرياضة والشيوعية: ما وراء معجزة ألمانيا الشرقية"، حيث وجد في ملف مجمع كتبه وزير الرياضة مانفريد إيوالد، من 1961 حتى 1989، أن هناك لاعبين في نادي "دينامو برلين" استخدموا منشطات بنائية عام 1963، ولم يتم الكشف عن أي تفاصيل أخرى بخصوص هذا الثنائي.

وما قد يشير إلى صحة هذا التقرير هو أن حكومة ألمانيا الشرقية كانت تقوم بحجب أي معلومات متعلقة بتعاطي المنشطات في المنافسات الرياضية، خاصةً أنها مُتهمة بفرض تعاطي مواد مثل "التستوستيرون" على لاعبات الرياضات الأولمبية، ما تسبب في مقاضاة شركة "جينافارم" التي زودت الاتحاد الألماني بمثل هذه المنشطات في الفترة بين 1960 وحتى 1989.

أما الحالة الأولى المتفق عليها، فقد كانت في نادي "يونيون برلين"، وتحدث عنها فريمان في كتابه، وأيضًا مايكل كروجر في أبحاثه عن كرة القدم في ألمانيا الشرقية. ففي عام 1985، ظهرت أول نتيجة تحليل مسجلة رسميًا لتعاطي المنشطات من قبل نادي العاصمة الألمانية، وهذا بعد أن ثبُت تعاطي لاعبين لمادة "التورينابول" التي تساعد في تسريع عملية بناء العضلات ورفع قوة التحمل لدى متعاطيها.

التعاطي في زمن الحرب الباردة تحت رعاية ألمانيا الشرقية

سعت ألمانيا الشرقية للفوز في المسابقات الرياضية بهدف اكتساب الشرعية الدولية خلال فترة الحرب الباردة. لكن هذه الجهود الفاسدة أدت إلى فضيحة تُحاسب عليها ألمانيا حتى الآن في ساحات القضاء المحلية، وأساس الأزمة اللاحقة بالدولة الاشتراكية وقتها هو تعاطي المنشطات في نظامها الرياضي أملًا في حصد البطولات الأولمبية والدولية في كل الرياضات الممكنة.

وكانت المشاكل السياسية التي أدت إلى انقسام ألمانيا قد وضعت شرقها في حالة صعبة، ورأت الدولة الشيوعية وقتها أن الحصول على بطولات رياضية في المحافل الدولية وسيلة للوصول إلى الشرعية الدولية التي حلمت بها وقتها. وكانت وسيلة شرق جدار برلين لتعزيز فرصها هنا التعاطي المُمنهج الذي يتضمن توفير مواد ممنوعة للتعاطي من خلال شركات تعاقدت معها الأجهزة الرياضية لدس السُم في أجساد اللاعبين.

حقن اللاعبات بمواد مثل التستوستيرون، وفرض المنشطات البنائية على اللاعبين، والكثير من المواد الأخرى على معظم الرياضيين، كان هو الحل. ولذلك كان الجهاز الرياضي يمارس الضغط على اللاعبين لأخذ هذه الممنوعات، فإما التعاطي أو خسارة فرصة اللعب في أكبر المحافل، كما هُدد الرياضيين بجهاز الشتازي، أمن الدولة الشرقية وقتها، إن فكروا في ذكر ما يحدث داخل القطاع ككل.

نجح هذا البرنامج في الفترة بين 1968 - 1988 في المسابقات الأولمبية الشتوية والصيفية، ودخلت 519 ميدالية غرفة بطولات المنتخبات الألمانية، ومنها ما حصلت عليه بدون أي تدخل خارجي. لكن النظام فشل على صعيدين آخرين: الأول كان كشف هذه الكارثة الطبية - الرياضية بعد سقوط جدار برلين من خلال عاملين سابقين في القطاع الرياضي، والثاني هو التسبب في كوارث صحية لبعض من شاركوا فيه من الرياضيين على المدى البعيد، ومن بينهم مدافع "دينامو برلين" السابق، فالكو جوتز، الذي تعرض للتعاطي الممنهج دون علمه أثناء رحلته مع المنتخب الألماني، وظهر في حملات توعية في ألمانيا ضد المنشطات.

وتعاطى لاعب خط وسط "دينامو دريسدن"، جيرد ويبر، الذي عمل لمصلحة أمن ألمانيا الشرقية، المنشطات مع منتخبه الدولي. وقد عمل ويبر لصالح جهاز الـ"شتازي" كمخبر منذ 1975، وظهر ملفه في التحقيقات أيضًا، حيث تعاطى المنشطات أثناء مشاركته في أولمبياد 1976، وفاز حينها بالميدالية الذهبية مع منتخب ألمانيا قبل سجنه في 1981، وحرمانه من لعب كرة القدم مدى الحياة.

تجربة التعاطي الممنهج في العصر الحديث برعاية روسيا

في عام 2016، كشف تقرير مكلارين، الصادر في جزئين، ما فعلته روسيا برياضييها، والذي يشبه ما فعلته ألمانيا الشرقية إلى حد كبير. والزمن لم يكن الفارق الوحيد عند المقارنة بين الحالتين، فتجاهل روسيا للقوانين الأكثر صرامة في الفترة ما بين 2014 وحتى وقت صدور التقرير، كان الكارثة التي جردتها من ألقابٍ كثيرة.

الجزء الأول من التقرير، الذي صدر في تموز/يوليو، كشف خطة الحكومة الروسية التي بدأت تظهر نتائجها مع دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014، وتورط وزارة الرياضة الروسية ومركز إعداد المنتخبات ومعمل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في العاصمة موسكو في هذه الفضيحة. لم يفرض البرنامج على الرياضيين، بحسب التقرير، تعاطي المنشطات، بل حثهم عليها ووعدهم بتغطية النتائج.

الجزء الثاني، في كانون الأول/ديسمبر، كشف الكارثة التي ضربت الرياضة في روسيا، وهو أن برنامج التعاطي الروسي لم يبدأ مع دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014، بل عملت به الحكومة الروسية قبل ذلك التاريخ. والفارق أنه قبل مسابقات 2014، بدأت روسيا بحثّ الرياضيين على تعاطي المنشطات، والتوجه العام كان نشر ثقافة التعاطي لتصل إلى كل الرياضات الممكنة. كما أُثبت أيضًا تلاعب روسيا بنتائج التحاليل حتى تغطي على لاعبيها. 

عانت روسيا بسبب التقرير وما تبعه من تحقيقات، حيث فُرضت عليها عقوبات شملت حظرها من المشاركة في أولمبياد بيونج تشانج للألعاب الشتوية في 2018، وحُظرت أيضًا من المشاركة في أولمبياد طوكيو 2020، ولكنها دخلته تحت شعار اللجنة الأولمبية الروسية. عدا عن خسارتها 13 ميدالية من أصل 33 فازت بها في أولمبياد شتاء 2014، ومُنعت من المشاركة في كأس العالم لكرة القدم 2022، لكنها شاركت في يورو 2020، بطولة منتخبات قارة أوروبا لكرة القدم، وخرجت من دور المجموعات.

هذه التداعيات لا تشكل فارقًا بالنسبة لروسيا الآن، خاصةً أنها غائبة عن الساحة الرياضية العالمية نتيجة حربها مع أوكرانيا. كما أن منتخبها لكرة القدم لن يشارك في أي بطولة حتى إشعارٍ آخر. وحتى لو عاد إلى لساحة الرياضية، فإنه سيمر على مئات الاختبارات ليثبت أن جميع اللاعبين بعيدين كل البعد عن أي نوع من المنشطات.

الضغط قد يولد التعاطي بين لاعبي كرة القدم

الجهل ليس حجة في عصر كرة القدم الحديثة، حيث تعارض جميع الأندية في كل القارات استخدام المنشطات، لكن الضغط عنصر كبير على اللاعبين المحترفين ممن يريدون البقاء في أعلى المستويات الفردية الممكنة مع مرور الزمن، وهذا دافع من دوافع كثيرة لتعاطي المنشطات، إضافةً إلى الحصول على دفعة غير مستحقة في الأداء داخل الملعب، إذ يسعى اللاعب دائمًا لإرضاء الجماهير، وهم من يحمونه في كرة القدم عندما يقدم الأداء الذي يرضيهم ويدفعه باتجاه الطريق السريع والسهل.

وهناك أيضًا من يستخدم المنشطات للتعافي سريعًا من أي إصابة قد تلحق به، مثل الإيطالي ماريو بالوتيلي الذي استخدم مادة "البريدينسولون" ليتعافى من إصابة في الركبة، وتم إيقافه لثلاثة أشهر بعد أن ثبت أن المادة ممنوعة من الوكالة العالمية لمكافحة تعاطي المنشطات.

والتعاطي لا يقتصر على المنشطات، فالمخدرات أيضًا تدخل إلى اللاعبين الذين يستطيعون الحصول عليها بسهولة، وأكبر مثال على تعاطي المخدرات في الأوساط الكروية هو دييغو مارادونا، أسطورة المنتخب الأرجنتيني وفريق نابولي الإيطالي، إذ كان مدمنًا على الكوكايين الذي كان جزءًا من حياته المرفهة التي لم يكترث فيها إلا بالحفلات الصاخبة وكرة القدم.

وهناك نظريات كثيرة بشأن أسباب تعاطي مارادونا، إذ ثمة من يرى أنه أراد الهروب من مشاكله العائلية والتعامل مع النجومية بتعاطي الكوكايين، لكن ما يتفق عليه الجميع مع أسطورة الأرجنتين أن المخدرات منعته من الوصول إلى أمجاد أكبر مما وصل إليه. 

الآثار الجانبية لتعاطي المنشطات على الرياضيين

مثلهم مثل من يدمن على المخدرات، لا يفكر اللاعبون في الآثار الجانبية التي ستحل عليهم بسبب تعاطيهم للمنشطات، بل يرون فقط لحظة المجد التي سيصلون إليها إن تعاطوا هذه المنشطات، ولا يرون أبعد من هذا إلا من يتغلب على شياطين عقله.

تتضمن الآثار السلبية لتناول المنشطات مشاكل صحية خطيرة مثل تلف عضلة القلب، وأضرار في الكلى والكبد، وزيادة احتمالية الإصابات العضلية. كما يمكن أن تؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي وارتفاع معدل العدوى، بالإضافة إلى مشاكل في الصحة الإنجابية. لا تقتصر هذه الآثار على المنشطات المحسنة للأداء فقط، بل تشمل أيضاً الأضرار الناتجة عن استخدام المخدرات. على الصعيد النفسي، قد تسبب المنشطات زيادة في القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية الأخرى.

مارادونا عانى من مشاكل صحية في حياته، منها أزمات قلبية وتلف في الكبد والسمنة. وقد يكون سبب هذه الأمراض إدمانه على الكوكايين، والكحول، لفترة ليست بقصيرة من حياته التي ترك آثارها عليها حتى أودى به في النهاية. كما كان من أسباب وفاة الدراج الإنجليزي توم سيمبسون، الذي توفي على مضمار السباق في تموز/يوليو 1967، تعاطي الأمفيتامين الذي يظن الكل أنه من أسباب وفاته وتوقف قلبه عن العمل.

معسكرات تدريبية فرضت ثقافة التعاطي

برامج التعاطي الممنهجة ليست حكرًا على الحكومات أو المنظمات الرياضية، بل امتدت إلى المعسكرات التدريبية، وهي البرامج التأهيلية المغلقة للرياضيين قبل المشاركة في أي بطولة رياضية، التي شهدت الكثير من حوادث التعاطي التي يشترك فيها المنظمون.

كانت ماريون جونز، بطلة ألعاب القوى الأميركية، ضحية للمعسكر الذي تدربت فيه تحت قيادة المدرب الجامايكي تريفور جراهام، صاحب فضية الألعاب الأولمبية الصيفية 1988 في سباق الـ400 متر، الذي كان جزءًا من فضيحة رياضية بدأت في صيف 2003، ولعب فيها دورًا كبيرًا لأنه كان يعمل لحساب شركة "BALCO" التي تصنع منشطات بنائية للرياضيين، وكان من أكبر موزعي هذه الشركة.

نصح جراهام البطلة السابقة بتعاطي هذه المنشطات، كما نصح 11 لاعبًا ولاعبة انتهى بهم المطاف جميعًا إلى خسارة بطولاتهم الدولية والمحلية، حيث جُرِّدت جونز، التي رفعت علم بلادها في خمس مناسبات خلال الألعاب الأولمبية الصيفية 2000، بحصولها على ثلاث ذهبيات وبرونزيتين، من جميع ألقابها وكانت الخاسر الأكبر بسبب هذه الفضيحة بعد سجنها لمدة ستة أشهر في عام 2008.

"برنامج المنشطات هذا هو الأكثر تطورًا، احترافية ونجاحًا في تاريخ الرياضة" (من تقرير الوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات عن لانس آرمسترونج).

واجه لاعب الدراجات الأميركي لانس آرمسترونج ما واجهته ماريون جونز، لكنه لم يكن ضحية مدربه وإنما ضحية نفسه، بل وكان يحرض زملاءه على التعاطي أيضًا. لكن ما حدث أن صاحب الرقم القياسي في طواف فرنسا، وهي أعلى مسابقة سنوية للاعبي الدراجات في العالم، خسر بطولاته التي حصل عليها سبع مرات متتالية من 1999 حتى 2005. 

حدث ذلك بعد قيام الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات بتحليل العينات الأخيرة لآرمسترونج قبل اعتزاله رسميًا، ووجدت أن العينات التي حصلت عليها بين 2009 و2010 من معسكره إيجابية، ما فتح باب التحقيقات على مصراعيه مع الوكالة ومحققين فيدراليين آخرين. وكما هو متوقع، أنكر آرمسترونج جميع الاتهامات، ولكن بعد انتهاء التحقيقات مع 11 زميلًا له في معسكر التدريب ومع دليل العينات الملموس، صدر حكم بتجريده من البطولات السبع التي حصل عليها في فرنسا.

وفي مقابلته مع أوبرا وينفري، ولأنه لم يكن يملك حينها شيئًا ليخسره، اعترف صاحب الـ52 عامًا بأنه تعاطى المنشطات التي أنكرها في الأعوام الماضية، وأنه لم يتعاطى بمفرده، إذ كشف أنه حرض العديد من زملائه في معسكر التدريب على التعاطي مؤكدًا شهادتهم أمام الوكالة، التي لم تكشف هوياتهم حتى الآن.

جهود الأجهزة الرياضية في كشف تعاطي اللاعبين

تعمل جميع الأجهزة الرياضية التابعة لـ"الفيفا" على التخلص من ظاهرة التعاطي في كرة القدم، عبر سحب عيناتٍ عشوائية بعد المباريات وفي أثناء التدريبات داخل المعسكرات. ولا يُختبر لاعبٍ بعينه إلا إن كان هناك شك حول سلوكه الرياضي، ومن المعتاد أن يقع الاختيار على بعض اللاعبين بشكلٍ عشوائي لتقديم عينة من البول.

أما خارج الملعب، فيجب على اللاعبين أن يبلغوا بأماكنهم عندما يُرسل لهم رسالة من الجهة المعنية بالاختبارات، ويجب عليه ألا يتجاهل هذه الرسالة، وأن يبلّغ بمكانه دائمًا لأنه قد يتوجه لأقرب معمل ليقدم عينة عشوائية، وعادةً ما يكون هذا اللاعب مشاركًا في بطولة كبيرة أو معروف بأنه يعيش حياة أكثر رفاهية من زملائه.

بول بوغبا، لاعب الكرة الفرنسي، أحدث مثال على عملية التحليل العشوائية، إذ جرى اختياره من بين جميع لاعبي فريق "يوفنتوس"، الذي واجه "أودينيزي" في الـ20 من آب/أغسطس 2023 في منافسات الدوري الإيطالي لكرة القدم، لتقديم عينة من البول واتضح أنه يتعاطى مادة منشطة مع العلم أنه لم يلمس أرضية الملعب من مقعد البدلاء. وقد حكمت محكمة مكافحة المنشطات الإيطالية، في شباط/فبراير الفائت، بمنعه من اللعب لأربعة أعوام.

ولمراقبة اللاعبين بشكل فعال، تعمل "الفيفا" على نظام "جواز السفر البيولوجي" لمراقبتهم، وهو برنامج مبني على جمع بيانات اللاعب على المدى الطويل في مستند خاص به لمراقبة التغيرات في عينات الدم التي يسلمها، بحيث يجري تحليل عينة من دمه إن وُجِد تغير غير مبرر في هذا الملف، والذي قد يكون بسبب مادة منشطة قد لا تظهر في الاختبارات.

اللجنة الأولمبية الدولية لا تعتمد طريقة "الفيفا" في التحليل، بل تترك الأمر بأكلمه في يد الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات التي تزودها بالموارد اللازمة لتطوير أنظمتها ومعاملها في جميع أنحاء العالم. والأخيرة تزور معسكرات التدريب الخاصة بكل المنتخبات المشاركة في أي بطولة أولمبية لسحب العينات من لاعبيها، ومن ثم تسحب عينات أخرى قبل وبعد المسابقات كلها.

وتطور النظام الخاصة بالمسابقات الأولمبية ليتضمن نظام عقوبات وتحاليل آخر يخص البطولات فقط، بحيث تسحب أكبر عدد مسموح به طبيًا أثناء عقد هذه البطولات. وتُحفظ جميع هذه العينات بعد ذلك في أماكن سرية، وتعود اللجنة لاختبارها إن قررت فتح التحقيق مع أي لاعب في المستقبل، وهذا عوضًا عن جواز السفر البيولوجي الذي تعتمده الفيفا في "مسابقاتها".

حتى مع كل هذه البرامج وكل التحذيرات، لا يزال هناك لاعبون يرون أن المنشطات هي بوابة النجاح الفردي في الرياضة التي يمارسونها. وسواء بسبب الضغط النفسي أو الحاجة الماسة للشعور بأن هذا اللاعب أفضل من غيره، تظل المنشطات البوابة الأولى التي تُخرج اللاعب من مجال الرياضة، لأنه لم يلتزم بالمبدأ الذي بنيت عليه، وهو مبدأ المساواة.

الكلمات المفتاحية

الأكثر قراءة

1

حكاية سيد درويش.. الحب والثورة والزوال

اعتُبر سيد درويش مخلّصًا للأغنية المصرية من عجمتها التركية، وقال البعض إنه أعاد الموسيقى إلى أصلها العربي كما كانت في زمن الخلافة العباسية

2

كل شيء رائحة.. العطور العربية في حياتها وموتها

تحدّث الرومان واليونانيون قديمًا بإعجاب عن بخور وطيوب سبأ، لدرجة أنهم وصفوا سكانها بأنهم من أثرى شعوب العالم، وأنهم يأكلون في أوعية من الذهب، ويسكنون بيوت فارهة

3

من يمتلك الإنترنت؟

تقول ولادة شبكة الإنترنت الكثير من ناحية تحولها إلى مجال للسيطرة والربح، خصوصًا حين نضع نصب أعيننا أنها استراتيجية اتصالية أميركية

4

"يا ما في الجراب يا حاوي".. الحواة من إبهار الشارع إلى شاشات التليفزيون

لم يكن الحواة فئة طارئة على المجتمع المصري، فقد تواجدوا في الشوارع والميادين العامة منذ القرن التاسع عشر الميلادي

5

طيف جيم كرو الذي لم يغادر الولايات المتحدة

أضفت قوانين جيم كرو شرعية قانونية على سياسة الفصل العنصري، وساهمت في ترسيخ ثقافة فوقية تضع السود في مرتبة أدنى من البيض، وتعزز العنف الممنهج ضدهم

اقرأ/ي أيضًا

كل شيء رائحة.. العطور العربية في حياتها وموتها

كل شيء رائحة.. العطور العربية في حياتها وموتها

تحدّث الرومان واليونانيون قديمًا بإعجاب عن بخور وطيوب سبأ، لدرجة أنهم وصفوا سكانها بأنهم من أثرى شعوب العالم، وأنهم يأكلون في أوعية من الذهب، ويسكنون بيوت فارهة

هديل عطا الله

الحاوي
الحاوي

"يا ما في الجراب يا حاوي".. الحواة من إبهار الشارع إلى شاشات التليفزيون

لم يكن الحواة فئة طارئة على المجتمع المصري، فقد تواجدوا في الشوارع والميادين العامة منذ القرن التاسع عشر الميلادي

محب جميل

طيف جيم كرو

طيف جيم كرو الذي لم يغادر الولايات المتحدة

أضفت قوانين جيم كرو شرعية قانونية على سياسة الفصل العنصري، وساهمت في ترسيخ ثقافة فوقية تضع السود في مرتبة أدنى من البيض، وتعزز العنف الممنهج ضدهم

محسن القيشاوي

غزة تحت الإدارة المصرية

تسعة عشر عامًا من الزمن.. غزة تحت الإدارة المصرية

يستعرض النص أبرز المحطات التاريخية بارزة للعلاقات المصرية الفلسطينية في ظل الإدارة المصرية لقطاع غزة، التي بدأت بعد نكبة 1948، واستمرت حتى نكسة 1967

عبد الرحمن الطويل

الإسلام المغربي في إفريقيا

الإسلام المغربي في إفريقيا.. جسور روحية من فاس إلى تمبكتو

عمل المغرب على نشر الإسلام الصوفي في دول غرب إفريقيا، مما جعل الزوايا والطرق الصوفية مع الوقت فاعلًا رئيسيًا في استمرارية الروابط الروحية والثقافية بينه وبين عدة دول إفريقية

عبد المومن محو