الجزء الأول من فيلم الجوكر حقّق شعبية هائلةً بفضل تصويره الجريء والمعقّد لشخصية الجوكر، إلى جانب تناوله العميق لموضوعات العنف النفسي والاجتماعي. لكن الجزء الثاني من الفيلم أثار العديد من التساؤلات حول مدى قدرته على تلبية توقعات الجماهير. هل نجح في مواصلة النجاح الذي حققه الأوّل؟ أم أنه خيّب آمال المشاهدين؟!
تتداخل خيبة الأمل الجماهيرية داخل الفيلم مع خيبة الأمل الواقعية للمشاهدين في صالة السينما. فما الرابط بينهما؟ وكيف انعكست هذه الخيبة داخل الأحداث الخيالية لتتوازى مع مشاعر الخيبة في الواقع؟ إذا كان الشرّ في الجزء الأوّل قد أصبح عنصرًا مستساغًا ومقبولًا، فلماذا تحوّل الجوكر في الجزء الثاني إلى شخصية طيبة ولطيفة مليئة بالخير ليجد نفسه في مواجهة معارضة جماهيرية شديدة؟
الحب وأنسنة الإنسان
حُب آرثر الصادق للفتاة الشقراء المتمرّدة والفوضوية هارلي كوين، والتي أدّت دورها لايدي غاغا، حرّره من شخصية الجوكر. نجد أن الحب أضفى بعدًا إنسانيًا على شخصية آرثر. الحبُّ دفعه إلى إزالة القناع عن وجهه، وإلى إدراك الواقع من حوله، واستعادة فهمه أن الجوكر ليس موجودًا في الحقيقة، وإنما الموجود فقط شخصية آرثر فليك.
الحبّ دفعه إلى الإعتراف بقتله ستة أشخاص في القطار، هذا الاعتراف إنما أراده آرثر كمصالحة مع ذاته، ورغبته في المضي قدمًا في عيش حياة طبيعية مليئة بالحبّ، على اعتبار أن لا إمكانية لعيش الحب سوى بالتصالح مع الذات والعالم. فالدافع الأوّلي وراء تحوله إلى جوكر كان فقدان الحب وانعدام إحساسه بوجوده، حتى أتت هارلي كوين لتملأ هذا الفراغ الهائل في داخله، فما عادت هناك أيّة حاجةٍ لإيجاد بديل عن شخصيته الحقيقية، إذ أنه وجد ضالته في الحب.
الحب مقابل الهوس
هارلي كوين كانت متأثّرة بشخصية الجوكر وليس بشخصية آرثر فليك! كوين لم تحبّ آرثر كشخص إنما أحبت فكرة الجوكر، ولأجل ذلك، حين قرّر آرثر أن يتخلّى عن شخصية الجوكر صارت الجماهير تُلاحقه وتطالبه بعدم المغادرة وترك الساحة من دون قائد! وهكذا توقّفت غاغا عن عشقها لأرثر لأنها عشقت شخصية وفكرة الجوكر التي بناها في مخيلتها ومخيلة الجماهير. بالنسبة لها آرثر والجوكر شخصيتان مختلفتان كليًا حتى وإن كانا يتشاركان الجسد نفسه.
هارلي كوين مهووسة بالجوكر، وهي واحدةٌ بين آلاف المعجبين، فقد كذبت بشأن مرضها، وقالت له أنها ستنتقل إلى شقته، وبأنها حاملٌ منه، وبأنها تريد حبّه لها. وحين يعترف آرثر بجرائمه أمام القضاة، نجدها تغادر قاعة المحكمة باشمئزاز وخيبة أمل واضحتين. وحين يطلب منها آرثر الهروب من المدينة سويًا وترك كل هذا الجنون خلفهما، ترفضه، مبرّرة ذلك بتخليه عن شخصية الجوكر. تقول له: "كل ما كان بيننا هو الخيال، وأنت تخلّيت عنه". فكما عنوان الفيلم: "جنون مشترك"، فإن آرثر هو الطرف المتراجع عن المشاركة في حفلة الجنون تلك.
طلب هارلي كوين من آرثر التوقّف عن تناول أدوية مرضه النفسي يحمل دلالة عميقة. من جهة، هو يعكس رغبتها في رؤية الجوكر الحقيقي، أي تلك الشخصية المضطربة والمدمّرة والعنيفة التي تخرج عندما يتوقف آرثر عن تناول دوائه. هذا المطلب تعبيرعن إعجابها بذلك الجانب المظلم والمجنون من شخصيته، وهو ما جعلها تشعر بالانجذاب إليه قبل أن يلتقيا حتى.
من جهة أخرى، فإن توقّف الجوكر عن تناول الأدوية في البداية يمثل سعيه للتحرّر من القيود الاجتماعية والنفسية المفروضة عليه. هذا التوقّف عن تناول الأدوية يُشير إلى سعيه للتحرر من النظام الذي يحاول ترويضه أو تقويمه، وهو في الوقت نفسه يمثل تحوّلًا نحو تبني شخصيته المظلمة بالكامل وتقبله للجنون والفوضى الداخلية وميله لإشباع هويته بشخصية الجوكر إلى حد التطابق.
لا مجال للتراجع
وللأسف، في لحظة اكتشافه لما يريده، كان قد فات الآوان، فالجوكر لم يعد ملكًا لنفسه، صار ملك الجماهير والشعب والثوار. أصبح الجوكر ملك الناس الذين صنعهم على شاكلته، فالناس يؤيّدونه بكونه رمزًا وقائدًا كبيرًا ومثلًا أعلى. مؤيدون ومريدون وأتباع ومناصرون يعبدونه ومستعدّون للتضحية بأنفسهم لأجل القضية التي خلقها الجوكر في نفوسهم.
وفي اللحظة التي أراد فيها التراجع وعيش حياة طبيعية، وحين قرّر أن جل ما يريده هو الحب والزواج وإنجاب طفل من هارلي كوين، وعيش حياة سهلة وبسيطةٍ وعادية كما كل الناس، اتُّهم بالخيانة. صرخت الجماهير في وجهه: "لا. أنت ملكنا ولست ملك نفسك، ولا يمكنك أن تدفعنا إلى التمرّد والعنف والثورة ثم تتخلّى عنا وعن القضية بكل سهولة لأجل مصالحك الشخصية وعواطفك الأنانية والدنيئة وترحل".
بات الجوكر بنظر الناس خائنًا للقضية التي صنعها والتي باتت قضية عابرة في مدينة غوثام. ومصير الخائن الموت، حتى لو كان الخائن هو القائد، والخائن مصيره الموت بأيدي الجماهير، فمن رفعه إلى الأعلى سيعمد لتنزيله إلى الدرك الأسفل، إن كانت القضية تتطلّب ذلك، لأن القضية ملك الجماهير، وتعد أهم من مصلحة الأفراد ونزعاتهم ورغباتهم الضيقة.
هنا فقد آرثر أيّة قدرة على التحكم بمصيره والعودة إلى ما قبل مرحلة صعوده كجوكر. فالقائد صار أسيرًا للصورة التي رسمها في ذهن الجماهير، سيما وأن هذه الصورة صارت تتضخّم مع مرور الوقت ومع تزايد التضحيات ومع إيمان الناس بها. والعلاقة هنا تتخذ مَسارين؛ إذ أن الجمهور كذلك أسبغ عليه صفات مبالغ فيها. الجماهير لم تتقبل قرار آرثر بالتخلّي عن الجوكر وسعيه وراء أحلامه الضيقة، مما شكّل صدمة كبيرة وخيبة أمل لها، نتج عنها حفلة من الجنون. وسرعان ما أدرك آرثر فعلته، وحاول الهرب من هذه الحفلة، لكن فات الآوان: إما أن تبقى مؤمنًا بالقضية ومبادئها وإما مصيرك الموت المحتم.
عدوى الجوكر!
عنوان الفيلم "folie a Duex" يساعدنا تفسيره في الإحاطة بأحداث الفيلم. معنى العنوان هو ذهانٌ يصاب به شخص ما، وينتقل المرض إلى شخص ثاني مقرّب منه، وقد يكون أحد أفراد العائلة أو صديق أو حبيب. حين تنتقل العدوى من الشخص الأول إلى الثاني يبدأ الشخص الثاني بتبني أفكار الشخص الأوّل، ويمكن لهذه العدوى أن تصيب ثلاثة أشخاص أو أن تنتشر العدوى لتصيب جمهرة من الناس.
فكرة الجوكر انتشرت كعدوى داخل المجتمع في مدينة غوثام، وصارت أعداد كبيرة من الناس في المجتمع تضع القناع والماكياج وترتدي ثيابًا ملوّنة كالجوكر وتتماثل مع سلوكه، متخذين من الفوضى والثورة والتمرّد سلوكًا لهم. هؤلاء الأفراد تبنوا ثقافة الجوكر وفلسفته وأفكاره، وهارلي كوين واحدةٌ منهم، وقاتله واحد منهم، وهم نسخ مكرّرة تجمعهم قضية واحدة.
يبقى أن نشير إلى أن السجين الشاب الذي طعن آرثر في نهاية الفيلم واحدٌ من الذين أصابتهم العدوى. ويحتمل بشكلٍ كبيرٍ أن المقصود من هذه اللقطة أن يصبح هذا السجين هو "الجوكر" القادم، وربما ينمو ليُصبح النسخة التي أداها هيث ليدجر في (The Dark Knight)، بالنظر إلى أن لديه الندوب نفسها على وجهه. كذلك فالقاتل المختلّ عقليًا ينحت ابتسامة على وجهه شبيهة بابتسامة الجوكر، في هذا السياق، يحمل فعله دلالة ورمزية ومعنى نفسي وثقافي: يبدو وكأنه يقتدي بالجوكر، أو حتى يصبح نسخة منه، مما يعكس كيف أن العنف والجنون يُمكن أن يتمّ تبنيهما وتكرارهما.
لا يجب أن نُغفل أن أحداث فيلم الجوكر بجزئيه إنّما تقع في سبعينيات القرن العشرين، أي قبل عدّة عقود قبل أن يصبح بروس واين باتمان. نهاية توحي بأن جوكر خواكين فينيكس كان مجرّد الرجل الذي ألهم "الجوكر" الحقيقي ليُصبح المجرم المهووس في مدينة غوثام الذي نعرفه جميعًا. وفي هذا دلالة إلى أن فكرة الجوكر لم تمت وإنما انتشرت وتناقلت واستمرّت وهي فكرة قابلة لأن تتغذّى عبر الأزمنة، فكلّ ثورة ضدّ الظلم لها جوكرها الخاصّ بها.
خيبة أمل
هنا ننتقل إلى ثيمةٍ أخرى خارج الفيلم، وعلاقتها بداخل الفيلم جوهرية، إذ أنها انعكاس بين الداخل والخارج؛ فالكثير من المشاهدين استاؤوا من فيلم الجوكر في جزءه الثاني وأفادوا أنه كان أقلّ من التوقعات وكان مخيبًا للآمال. وقد سمعت ذلك بنفسي أثناء خروجي من قاعة السينما في بيروت، وما كففت عن سؤال كثيرٍ من الأصدقاء الذين شاهدوا الفيلم عن مشاعرهم وآرائهم، وقد جاءت النتيجة متقاربة ومتشابهة: الجزء الثاني خيبة أمل.
جمهور المشاهدين أصيبوا بخيبة الأمل لأنهم كانوا يتوقّعون من الجوكر أن ينتقل إلى مرحلة أعلى من العنف والثورة والانتقام من مضطهديه، وكانوا يتوقّعون أنه سيدمّر مدينة غوثام على رؤوس الأغنياء الفاسدين المستغلين للفقراء والكادحين وسيقلب الطاولة رأسًا على عقب، لكنهم فوجئوا بأن آرثر تنحى عن القضية وتخلّى عن شخصية الجوكر لصالح الحب!
وبالتالي حين دخل الجمهور ليشاهد الفيلم كانت هناك توقعات وتصورات عن طبيعة الجوكر وما سيشاهدونه من خلال ما رسموه في أذهانهم لهذه الشخصية التي قدّمت في العديد من الأفلام، وإذ يكتشف الجمهور أن الجوكر عاد إلى رشده ووعيه، مما أصاب الجمهور خارج الفيلم بحالة شبيهة بالجمهور داخل الفيلم، وكما يصفها الفيلم بالمرض الذهاني. وهذا ما يفّسر شعور المشاهدين خارج الفيلم بخيبة الأمل، ذلك أنهم كانوا في الأصل قد أصيبوا باضطراب الجوكر الجنوني وطالتهم العدوى. وهكذا شعر كلّ من الجمهور داخل الفيلم وخارجه بما أطلق عليه "folie a Duex". خيبة الأمل هذه جعلت من تقييم الفيلم متدنية، وهذا التدني مرده سيكولوجي عند المشاهدين، وليس لعلة في الفيلم، لا بل على العكس، فإن الطرح جديد ومبتكرٌ، وعناصر الفيلم السينمائية مكتملة.
الشركة المنتجة "وارنر براذرز" خاب أملها أيضًا، وتم انتقاد الفيلم بشدّة في عرضه الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي. ولم يتمكن الفيلم سوى من حصد 201 مليون دولار في شباك التذاكر العالمي. قد يبدو هذا مبلغًا كبيرًا، ولكن في الواقع، الفيلم كاد فقط أن يسترد ميزانيته الإنتاجية المعلنة التي بلغت 190 مليون دولار!
الحب مقابل الثورة
النقطة الثانية تتجلّى في أن الحبّ مناقض للطموح للثوري، فالحب حالة إنسانية تعزّز الخوف لدى الإنسان. كيف ذلك؟ يشير الفيلم إلى أن الحب وما يستتبعه من استقرار وزواج وإنجاب أطفال إنّما يمثل في جوهره النظام، وميزة النظام هي الاستقرار، إن على صعيد الأسرة أو المجتمع. بينما الطموح الثوري يسعى للهدم، والموت يحيق بالثائر من كل جانب. وأمام هذا الواقع، كان على آرثر الاختيار بين الحب والثورة، ففشل في كليهما. يمكن القول حرفيًا: ومن الحب ما قتل. يجسد الحب هنا نقطة ضعف الإنسان، وبشكلٍ أكبر نقطة ضعف الثائر.
وأما على الصعيد النفسي، فجنون العظمة واحدة من البذور التي تتغلغل في نفس القائد الرمز، شاء أم أبى، ولنا في زعماء العالم عبرة، فالاحتكاك الدائم والمستمر والمتكرّر مع السلطة إنما يولّد لدى الإنسان سطوةً تتفاقم مع مرور الوقت، وكلّما وجد ألا صوت يعلو فوق صوته، وكلما اكتشف أنه لا يمكن لأحد أن يقف في وجه كلمته. فالقائد إنما يجب أن يحبّ فكرته وقضيته، ويجب أن يضعها فوق كل القضايا الأخرى، فلا مجال لبناء علاقات إنسانية قد تكون خنجرًا في خاصرته وخاصرة القضية. وبالمقارنة، فالحبّ حالة لا ترقى إلى مستوى القضية، الحبّ أمرٌ ذاتي، بينما القضية أمرٌ يخص الجماعة وهي ملك الشعب.
ناهيكم على أن العاطفة المفرطة تُشكّل نقطة ضعف لدى القائد الرمز لأنها تجبره على اتخاذ قرارات محض ذاتية، وقد تتعارض مع القضية، والتي تحمل في نواتها بذورًا من الشر وتتطلب كمية من العنف لتحقيق أهدافها. ما فعله الحب بالجوكر أنه أنهى هذه السمة في نفسيته، وأعاده إلى حقيقته الإنسانية الطيبة الخالصة.
الجماهير تمجد القوة
تميل الجماهير إلى تمجيد القادة الذين يظهرون القوّة والسطوة، بينما تنفر من القادة الذين يتراجعون أو يبدون ضعفًا أمام العواطف والمشاعر الإنسانية. هذه الظاهرة فسّرها غوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير، حيث أشار إلى أن الجماهير لا تحرّكها العقلانية بقدر ما تحكمها العواطف والانفعالات القويّة. الجماهير بطبيعتها تبحث عن قائد قوي، حتى لو كان استبداديًا أو عنيفًا، لأنها ترى في قوّته مصدرًا للأمان والقدرة على تحقيق التغيير، فيما تنظر إلى التردد والرحمة كعلامات ضعف تقود إلى الفوضى والانهيار.
هذه الرؤية تتقاطع مع فلسفة نيكولو ميكافيللي في كتابه "الأمير"، حيث يؤكّد أن القائد يجب أن يكون محبوبًا ومهابًا في الوقت نفسه، لكن إذا اضطر للاختيار بين الحب والهيبة، فعليه أن يختار أن يكون مهابًا؛ فالجماهير، كما يصفها ميكافيللي، متقلبة، قد تحب القائد اليوم لكنها قد تتخلى عنه غدًا إذا لم يُظهر القوة الكافية للحفاظ على سلطته. القوّة هي الضامن الوحيد لاستمرارية الحكم، أما الحب وحده فلا يكفي، لأنه قد يتلاشى عند أوّل اختبار حقيقي.
وهكذا، حين أراد آرثر فليك التخلّي عن شخصية الجوكر لصالح الحب والهدوء، رأته الجماهير ضعيفًا وخائنًا، لأنه لم يعد ذلك القائد الذي اعتادوا أن يستمدّوا منه القوة والغضب والتمرّد. الجماهير في حقيقتها لا تبحث عن قائد "جيد"، بل عن قائد "قوي"، حتى لو كان ذلك يعني المزيد من الفوضى والعنف. وما صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة مرّة ثانية سوى إشارة في هذا المنحى، وكلنا نذكر ما وُصف بمحاولة اغتياله، وكيف شاهد العالم بصورته وهو يرفع قبضة يده أمام الجماهير، وكانت الرصاصة قد أصابت أذنه للتو!
في السياق ذاته، يمكن وضع اغتيال الرئيس الإسرائيلي إسحاق رابين، رئيس وزراء "إسرائيل"، والذي قتل عام 1995 على يد متطرف إسرائيلي يدعى يغئال عامير. كان رابين شخصية عسكرية وسياسية بارزة، لكنه غيّر موقفه لاحقًا وأصبح داعمًا لعملية السلام مع الفلسطينيين. وقّع اتفاقية أوسلو عام 1993 مع الرئيس ياسر عرفات، والتي منحت الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا محدودًا في الضفة الغربية وقطاع غزة.
هذا الاتفاق أثار غضب اليمين المتطرّف الإسرائيلي، الذي اعتبره خيانة لفكرة إسرائيل الكبرى. وفي الرابع تشرين الثاني/ نوفمبر 1995، بعد إلقائه خطابًا في تل أبيب، أكّد فيه التزامه بالسلام، أطلق عليه يغئال عامير النار ثلاث مرات. قال عامير إنه قتله لأنه (تخلى عن أرض إسرائيل وخان الشعب اليهودي). وبذلك أراد قاتله، ومن خلفه الجماعات المتطرفة في "إسرائيل"، إيصال رسالة مفادها أن (إسرائيل لا تتسامح مع من يتنازل عن أرضها) وفق وجهة نظرهم.
أما أنور السادات، الرئيس المصري الذي قاد حرب أكتوبر عام 1973 وقاد عملية السلام في كامب ديفيد مع "إسرائيل" عام 1979. اغتيل على يد ضباط من جيشه لما اعتبروه خيانة بسبب التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف به والتخلي عن القضية الفلسطينية وتقربه من الولايات المتحدة الأميركية. خالد الإسلامبولي، منفذ الاغتيال هتف أثناء تنفيذ العملية: "أنا خالد الإسلامبولي، وقد قتلت الفرعون".