وهم الشهرة

وهم الشهرة: كيف يبيع المؤثرون وروّاد الأعمال المزيفون أحلامًا وهمية؟

25 نوفمبر 2024

يكفي أن تدفع لي 1000 دولار ثمن "كورس" أقدمه لك، "أونلاين"، لتضع أول قدم في مسار الثراء والعيش المترف. ويكفي أن تدفع 5% من قيمة عقار قيد الإنشاء على قطعة أرض قيد الإنشاء أيضًا، ليصبح باسمك ويكون بإمكانك أن تتحكم بسعره في غضون سنة وتجمع منه أرباحًا هائلة. 

هذه الحوارات ليست متخيلة وإنما واقعية مصدرها منصات التواصل. وغالبًا ما تزداد زخمًا في حال - لا قدّر الله - تابعنا مقطعًا لأحد "روّاد" سوق ريادة الأعمال وسوق "التأثير الاجتماعي"، الذي يمكن أن نصفه، مجازيًا، بأنه "عاطل عن العمل" حتى يكتمل نصاب الكورس الموعود، أو يكتمل إنشاء شقة موعودة. 

ويمكنك أن تجعل شخصية ما صعدت فجأة، من غامض علمه، مرجعًا في الأناقة والمظهر، أو الحياة الاجتماعية، أو رمزًا في الحب والارتباط وتكوين العلاقات، أو حتى مثلًا في السفر وقضاء وقت الراحة، وكل ذلك نتيجة متابعتك لها وإعجابك الدائم بها. 

 

صعود المؤثرين ورواد الأعمال والمشاهير

المؤثرون هم أفراد جمعوا عددًا كبيرًا من المتابعين على وسائل التواصل، إما بسبب خبرتهم "المتصوَّرة" عن أنفسهم، أو جاذبيتهم بوصفهم أشخاصًا ومظاهر سلوكية، أو لما يقدّمه أسلوب حياتهم من إغراء. وغالبًا ما يقدمون محتوى حول مجالات مثل الاستثمار العقاري، السفر، الصحة، الجمال والموضة، اللياقة البدنية، أو التمويل الشخصي والراحة المالية.

ومن ناحية أخرى، فإنهم يستفيدون من هذه المنصات للترويج لأعمالهم أو منتجاتهم أو خدماتهم، وينتقلون إلى مراحل أبعد، حيث يبدؤون بمشاركة يومياتهم واجتماعاتهم وعرضها على المتابعين بوتيرة عالية بهدف التأثير والتعبئة لصالح منهج العمل الخاص بهم، وأجندات "البزنس" التي يتبعونها. 

وفي حين أن الخطوط الفاصلة بين المؤثرين ورواد الأعمال غالبًا ما تتلاشى، خاصةً عندما يطلق المؤثرون علاماتهم التجارية أو مشاريعهم الخاصة، فإن أهدافهم تتقارب حول هدف مشترك: تحقيق الدخل من نفوذهم الإعلامي. يحدث هذا السيناريو داخل مجتمع رواد الأعمال بوصفه شبكة اجتماعية، تعطي انطباعًا لمن أراد الاطلاع على سير عملها أن فكرةً أو رأيًا أو نموذج حياة أو عمل أو حتى منتج ما، هو أكثر شعبية مما هو عليه في الواقع.

لننتقل إلى ما يمكننا تسميته "وهم الأغلبية" الذي يحدث في الشبكات الاجتماعية، حيث يرتبط المستخدمون الذين لديهم عدد كبير من المتابعين بمستخدمين لديهم عدد أقل بكثير، مما يُحدث تأثيرًا عليهم يجعلهم يعتقدون أن أفكار هؤلاء المؤثرين هي السائدة والرائجة، والتي ينصح بها "عالم البزنس" وعالم الشهرة للوصول إلى الراحة المالية و الاجتماعية المنشودة.

 

التأثير النفسي والاجتماعي 

جاء الوصول الحر إلى منصات التواصل الاجتماعي في نموذج المؤثرين نتيجة سعي هذه المنصات إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على إنشاء المحتوى، مما يتيح لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت مشاركة أفكاره ومواهبه وحياته مع العالم. وكان نتيجة هذا التحول الديمقراطي ظهور شخصيات مهيمنة في المشهد الرقمي تتمثل في المؤثرين (influencers)، ورواد الأعمال (Entrepreneurs)، والمدوّنون (Bloggers)، والمشاهير (Celebrities)؛ الذين تصدّروا واقع صناعة المحتوى.

يتمثّل دور هذه الشخصيات الآن في إنتاج محتوى هادف، ويحمل قيمة، سواء ثقافية أو سياسية أو اقتصادية أو ترفيهية، أو أي قيمة جمالية أخرى تحتملها خوارزميات النشر على هذه المنصات، ليأتي دور المتابعين في التقييم والفرز والاختيار وتبنّي أي من آراء أو نماذج تفكير صناع المحتوى.

لكن، ومع هذه الحرية المطلقة و"الدلال المفرط" لصناع المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبينما يستخدم العديد من المؤثرين ورواد الأعمال هذه المنصات لخلق قيمة حقيقية، سواء من خلال الترفيه أو التعليم أو الإلهام؛ هناك قلق متزايد بشأن الجانب المظلم من نفوذهم، بعد أن لوحظ أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الأفراد يستغلون نفوذهم وسطوة أرقام المشاهدات وأرقام المتابعين لبيع الأوهام والترويج للاستثمارات المشبوهة، مستغلين آمال وسذاجة متابعيهم. ويمكن القول إنهم يتلاعبون بوسائل التواصل الاجتماعي لخلق واجهة من النجاح والثروة، مستغلين التكتيكات النفسية لجذب جماهيرهم، مما يؤدي إلى عواقب المدمرة لأولئك الذين يقعون في شراكهم.

نجم عن هذا الارتباط والتفاعل عبر المنصات الحديثة أبعاد عميقة للعلاقة بين المؤثرين ومتابعيهم، لا سيما أن سلوك المتابعين يعتمد على التعلّق النفسي والاجتماعي الذي يمكن أن يتحول من علاقة إيجابية داعمة، إلى علاقة إشكالية تحمل تأثيرات ضارة على النفسية والحالة الاجتماعية وترتيب العلاقات الاجتماعية التي يتبناها المتابع في حياته العادية.

أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في هذه العلاقة هو تأثير الهوية الاجتماعية. فالمتابعين لا يرون المؤثرين فقط كأشخاص يلهمونهم، بل بوصفهم رموزًا للهوية التي يسعون إلى تعزيزها في دواخلهم ورغبتهم بربط أنفسهم بهذه الهوية. ويؤدي هذا إلى نشوء روابط مبنية على الإعجاب والتماهي مع القيم والمعتقدات التي يمثلها المؤثرون، مما يعزز شعورًا بالانتماء إلى مجتمع معين. لكن عندما تصبح هذه الهوية مشروطة بمتابعة نمط حياة المؤثر أو تقليده، فإن ذلك قد يضع المتابع تحت ضغط نفسي لتحقيق معايير مستحيلة.

وبدأنا نشهد مؤخرًا طفرة في هذا الارتباط، إذ يجري الحديث عن زوج من المؤثرين/المشاهير اللذين يقدّمان حفل خطبتهما الأسطوري ويعرضانه بكل تفاصيله للمتابعين. وتتبنى الفيديوهات التي تنتشر حول هذا الحفل رواية تعجيزية للمتابعين العاديين تحت وصف "لا تاخديه إذا ما تقدملك متل أسامة لشيرين"، في مشهد يجعل حياة المؤثرين معيارًا لبقية العلاقات في المحيط، مما يخلق حالة من الضغط النفسي والاجتماعي على أي زوج خارج مجتمع المؤثرين.

ثمة جانب آخر يرتبط بهذه الظاهرة، وهو كيفية تأثير وسائل التواصل بوصفها بيئة افتراضية، على هذه العلاقات. المنصات الرقمية تسهل إنشاء روابط سريعة وعميقة نسبيًا بين المؤثرين والمتابعين، لكنها تجعل العلاقة أحادية الجانب وغير متوازنة. يشعر المتابعون أنهم قريبون جدًا من المؤثرين بسبب التفاعل المنتظم، بينما قد لا يدرك المؤثرون عمق تأثيرهم على هؤلاء المتابعين. هذا الخلل يؤدي إلى زيادة الإحباط أو الشعور بالعزلة لدى المتابعين إذا لم يحصلوا على التفاعل المتوقع، والنتيجة التأثير على مفهوم النجاح والقبول الاجتماعي.

وغالبًا ما يعرض المؤثرون حياة مثالية عبر وسائل التواصل، مما يدفع المتابعين إلى مقارنة حياتهم بهذه الصورة المثالية، مما يساهم في تعزيز مشاعر النقص أو عدم الرضا، خاصةً لدى الشباب الذين قد يكونون أكثر تأثرًا بالمظاهر الخارجية للنجاح.

بيع أوهام الثراء والنجاح

ينسّق المؤثرون وهم الثروة والنجاح بدقة من خلال الصور المنمّقة، والمقتنيات الفاخرة المستأجرة، والفيديوهات المعدلة، والسرد المصمم بعناية، والذي يصور حياة الثراء والحرية والنجاح المالي. التأثير النفسي على الجيل الجديد من المتابعين عميق، إذ يدفعهم هذا السيناريو إلى الاعتقاد بأن مثل هذا النجاح يمكن تحقيقه بسهولة، مما يعزز الشعور بعدم الكفاءة أو الخوف من إضاعة الفرص (Fear of Missing Opportunities)، لتتشكل لديهم عقدة النقص والرغبة لتحقيق الكمال بأي وسيلة. 

يستمع هؤلاء المتابعون إلى حِكَم الروتين الصباحي للمؤثرين، وحِكَم الاستيقاظ باكرًا، والرياضة والتأمل والماء المثلج وكوب القهوة، وهذه في الأصل مجرد خدع بصرية وفكرية والاستنتاجات المالية المبنية على تنفيذها خاطئة، وإن تلقيتها من مؤثر يتابعه مئة ألف شخص (على أقل تقدير). 

يمكن أن نسمي هذا الروتين بـ"الثروة المدروسة" (Planned Wealth)، حيث يعرض العديد من المؤثرين أنماط حياة فاخرة، بما في ذلك السيارات باهظة الثمن، والملابس الأنيقة، والخدم، والمرافقة الأمنية. لكن ما قد لا يدركه المتابعون هو أن العديد من هذه "المسرحيات الإنستغرامية" مدروسة ومكتوبة وفق خط إخراجي معين، بهدف تقديمه إلى جمهور شاب طموح يسعى إلى الوصول سريعًا إلى السلطة والمال.

يتم استئجار السيارات من الوكالات، والمنازل الفاخرة عبارة عن عقارات "Airbnb"، بينما تُستعار الملابس المصممة أو تُشترى عبر الائتمان. والهدف هو عرض صورة مزخرفة ومضيئة للنجاح تبدو مرغوبة وملهمة، مما قد يؤدي بدوره إلى دفع المتابعين إلى الاستثمار في المنتجات أو الدورات التدريبية أو الخدمات التي تعد بتعليمهم كيفية تحقيق نجاح مماثل وبسرعة قصوى، وهنا تكمن اللعبة.

اللعبة عزيزي القارئ أن متابعًا مندفعًا، بمجرد أن ينخرط في إحدى هذه الخدع التسويقية، سواء عبر شراء عقار قيد الإنشاء، أو عقار جاهز على دفعات سنوية يرجو منها أرباحًا خيالية في غضون سنوات، أو حتى استثمارات تجارية وسياحية أو كورسات لايف ستايل وريادة أعمال؛ فإنه يستسيغ هذا النمط من التحفيز الوهمي الذي يركز على تكرار فكرة "إظهار النمر الكامن داخله"، والخروج من منطقة الراحة، والانتقال إلى بيع ممتلكاته الحالية والاستثمار، ومن ثم إلى قضاء وقت في الرياضة والمشي صباحًا وما شابه، متجاهلًا أن هذا الروتين هو روتين الأغنياء بالفعل، لكن عندما يصبحون أغنياء حقيقيين و يمتلكون جيشًا من الموظفين يأتمرون لهم.

هذا المتابع المتحمس هو وقود وقربان استعلاء المؤثرين ورواد أعمال إنستغرام، الذين يسعون إلى تسليع المتابعين ولا يرونهم إلا بوصفهم رزمًا من الدولارات وحسابات بنكية تسير إليهم لاقتناصها، دون فائدة مرجوة من هذا الوهم.

المشاريع والاستثمارات التجارية المزيفة التي يطلقها بعض المؤثرين، تحت ستار رواد الأعمال الناجحين، هي مشاريع تجارية مشكوك فيها، بدءًا من مواقع التسوّق التي تبيع سلعًا باهظة الثمن أو منخفضة الجودة، إلى مخططات التسويق الإلكتروني متعدد المستويات (Multi-level E-Marketing)، ومشاريع العملات المشفرة التي تعِد بعوائد فلكية، أو التداول عبر منصات dragon Trade وX-Cite. ومن خلالها، يتبين أنهم يستغلون نجاحهم المتصور لتشجيع المتابعين على الاستثمار في هذه المشاريع، مما يؤدي غالبًا إلى خسائر مالية كبيرة وأذية جسدية ونفسية لا تحتمل.

 

تكتيكات التلاعب النفسي وخلق الروابط العاطفية

يتقن المؤثرون استغلال آليات التأثير النفسي والمعرفي للهيمنة على عقول متابعيهم وتحفيزهم على اتخاذ قرارات غير عقلانية. وإذا لم يكن المؤثر ذكيًا إلى هذا الحد، فإنه يوظف من هم أذكياء لإدارة حياته الإعلامية وظهوره. وعلى الرغم من أن هذا التأثير قد يبدو غير مستدام على المدى البعيد نظرًا لتنافسية المشهد الإعلامي ووجود آلاف المؤثرين الذين يبيعون الوهم نفسه للمتابعين، إلا أن الإقبال على محتواهم ما زال كبيرًا بفضل استخدامهم لعدد من التكتيكات النفسية الدقيقة التي تُصيب المتابعين في نقاط ضعفهم العاطفية والمعرفية. 

يستغل المؤثرون التحيزات المعرفية مثل التحيز إلى السلطة والتحيز تجاه سطوة الشهرة، إذ يميل المتابعون إلى الثقة بمن يظهرون كأشخاص ناجحين أو خبراء في مجالات مثل العقارات، الاستثمار، التنمية الذاتية والتطور الاجتماعي وتحقيق النجاحات بأشكالها، وحتى التحولات النفسية. ويعزز هؤلاء هذه الصورة الزائفة باستخدام أدوات الإثبات الاجتماعي، مثل شهادات مزيفة، أو تعليقات من متابعين يُفترض أنهم راضون عن نصائحهم. ويشير هذا النهج إلى الظاهرة النفسية التي تجعل الناس يميلون إلى تقليد تصرفات الآخرين، بناءً على الافتراض بأن هذه التصرفات تعكس السلوك الصحيح والناجح والذي يعتقد أنه معيار النجاح وتقييم الذات.

وفي الوقت ذاته، يلجأ المؤثرون إلى استغلال نظريات المؤامرة بوصفها أداة فعالة للتلاعب النفسي. يُظهرون أنفسهم كأشخاص مستقلين يتحدّون النظام المالي والاجتماعي الحالي، ويزعمون أن الأنظمة العالمية مزيفة أو مصممة ضد الإنسان العادي. يستغلون شعور الجمهور بعدم الأمان الوظيفي أو المالي، ويدّعون أنهم يقدمون الحلول لتحرير الأفراد من هذه "العبودية الاقتصادية"، مثل الاستثمار في أساليبهم أو شراء منتجاتهم. 

يتردد هذا الخطاب بقوة لدى الأفراد الذين يشعرون بالحرمان أو الاستياء من ظروفهم الحالية. كما أن المؤثرين يعززون هذا الشعور باستخدام الإحصائيات أو سرد القصص الدرامية التي توحي بأن كل شيء في النظام القائم معطوب وفاسد، وأن النجاح الحقيقي لا يتحقق إلا عبر القنوات البديلة التي يدّعون امتلاكها.

تؤدي هذه الديناميكية إلى بناء مجتمعات شبيهة بالطوائف حول هؤلاء المؤثرين، حيث يُثبّط النقد وتُشجع الطاعة العمياء. وغالبًا ما يخلقون عقلية "نحن ضدهم"، مما يعطي متابعيهم إحساسًا بالتميز والانتماء إلى مجموعة تمتلك معرفة خفية، بينما الواقع هو أن هذه المجموعات قائمة على الوهم.

يُظهر المؤثرون حياتهم بوصفها قصص نجاح مُلهِمة، مؤطرين تجربتهم الشخصية مثل التحول من الفقر إلى الثراء مع تفاصيل عاطفية ترتكز، غالبًا على النضال والمثابرة. هذا السرد يلامس مشاعر قوية مثل الأمل والإثارة، لكنه في الوقت نفسه يُضعف الحكم العقلاني لدى المتابعين، فيجدون أنفسهم يتخذون قرارات عشوائية مثل شراء دورات تدريبية باهظة الثمن، أو الاستثمار في مشاريع مشبوهة دون التحقق من جدواها.

تُعد القصص الشخصية عن ذكريات الطفولة والمعاناة الجمعية إحدى أدواتهم المفضلة، إذ يعتمدون على هذه الروايات لتحفيز ارتباط عاطفي قوي مع جمهورهم، مستغلين مشاعر الحنين والضعف الجماعي تجاه الفقر أو العجز الذي قد يكون مشتركًا بين العديد من الناس. هذا الأسلوب يجعل المتابعين أكثر عرضة للتأثر برسائلهم الدعائية التي غالبًا ما تتعلق بالبدء من الصفر، مثل سردهم قصصًا عن بيع المثلجات في الحي لشراء أحذية رياضية بهدف خلق صورة واقعية ظاهريًا، لكنها وهمية عمليًا.

 

هرم المصداقية وتزييف التأثير

يمكن تطبيق نموذج "هرم المصداقية"، الذي تحدث عنه عالم الاجتماع هوارد بيكر في أطروحته "?Whose Side We Are On"، على الاستراتيجيات النفسية التي يستلهمها المؤثرون في مسيرتهم. وفقًا لهذا النموذج، يتمتع أولئك الذين ينتمون إلى الفئات العليا أو الأكثر تأثيرًا بالسلطة والقدرة على تحديد الحقائق وتحليلها. ويستغل المؤثرون هذا المبدأ عبر تضخيم حضورهم الافتراضي من خلال شراء متابعين وهميين بأعداد ضخمة، مما يخلق وهمًا بوجود قاعدة جماهيرية عريضة تدعمهم.

يعتمدون أيضًا على تقنيات مثل تحميل مقاطع فيديو لأسئلة وأجوبة تكون غالبًا من إنتاج فريق عملهم وليس من متابعين حقيقيين. وكل هذا يهدف إلى تعزيز صورتهم كمصدر موثوق للمعرفة والنصائح، مما يؤدي إلى زيادة سطوتهم الفكرية والاجتماعية على المتابعين، خاصةً أولئك الذين يشعرون بالحرمان الاجتماعي أو النفسي. 

هذا الحراك يُنتج هرمًا اجتماعيًا جديدًا يدور حول المؤثرين الذين يستغلون شعور الإحباط أو القلق الوجودي لدى جمهورهم. كثير من هؤلاء المؤثرين أنفسهم يعانون من خيبة أمل في حياتهم الشخصية، ويعوضون ذلك عبر بناء صورة ذهنية لهم كقادة للرأي أو ملهمين للأجيال الجديدة، والتنظير لاستحقاقهم هذا الدور بحجة أنهم قدوة تستحق الاحترام والاتباع.

 

دعوة إلى التفكير النقدي

في ظل هذا المشهد، يتضح أن المؤثرين ليسوا مجرد مقدمي محتوى، بل هم خبراء في استخدام الأدوات النفسية والاجتماعية للتأثير على متابعيهم. لذلك، من الضروري تعزيز التفكير النقدي لدى الجمهور لمقاومة هذه الحيل واستيعاب الحقائق بعيدًا عن العاطفة، أو التحيزات الدينية، أو السياسية، أو الشعبية، أو العاطفية، أو القائمة على الرغبات، إذ إنه لا بد من التحقق من مصداقية المحتوى، ودراسة أي قرار يتخذ بناءً على نصيحة مؤثر بعين ناقدة تظهر القيمة الاستهلاكية الحقيقية للمتابع ونقله من المتابعة إلى تحقيق القيمة الذاتية.

الكلمات المفتاحية

الأكثر قراءة

1

الاستعمار وخرافة العِرقْ.. الجذور الخفية للإبادة الجماعية في رواندا

تعود جذور الإبادة الجماعية في رواندا إلى حقبة الاستعمار الأوروبي، وسياساته العنصرية التي فرّقت بين الروانديين على أساس العرق الذي سعى الألمان والبلجيكيون لإثبات وجوده

2

12 يومًا هزّت العالم.. كيف سقط النظام في سوريا؟

سقط الأسد بأيدي السوريين الذين وصمهم وحاربهم وشرّدهم، ولم يكن السقوط مجرد نهاية طاغية، بل فتح مرحلة تاريخية جديدة لسوريا وشعبها، وتتويجًا لنضال عصيب

3

الإرث المرابطي في الذاكرة الموريتانية.. جدل التاريخ والهوية

تركت الحركة المرابطية إسهامات واضحة على الكثير من المظاهر الثقافية والاجتماعية والمجالية للتاريخ الموريتاني المعاصر

4

بين ناس الغيوان والألتراس.. فلسطين في وجدان الأغنية المغربية

على اختلاف ألوانها ولغاتها، خصصت الأغنية المغربية مساحة واسعة للقضية الفلسطينية تعكس مدى اهتمام المغاربة بها وتضامنهم معها

5

حكاية سيد درويش.. الحب والثورة والزوال

اعتُبر سيد درويش مخلّصًا للأغنية المصرية من عجمتها التركية، وقال البعض إنه أعاد الموسيقى إلى أصلها العربي كما كانت في زمن الخلافة العباسية

اقرأ/ي أيضًا

adb-aldktatwryt

أدب الدكتاتوريات.. هل الطغاة متشابهون في كل مكان؟

تعكس "روايات الدكتاتورية في أمريكا اللاتينية" استبداد السلطة وتأثيرها المدمر على المجتمعات، وتعرض تشابهات عديدة مع طغاة العالم العربي

يونس أوعلي

طلائع
طلائع طلائع

حزب البعث وأدلجة الطفولة في سوريا

عبر أدوات مثل الأنشطة المدرسية، الأغاني، وتكرار الشعارات، نجح النظام في تحويل العملية التعليمية إلى وسيلة لتدجين الأطفال وإخضاعهم نفسيًا وفكريًا

إسراء عرفات

سجن صيدنايا

سجون الأسد: ضرورة فهم ما يفوق "حيونة الإنسان"

تبقى سجون نظام عائلة الأسد، وعلى رأسها سجن صيدنايا، أكثر رموز حقبتهم رهبةً وقوة لما جسدته من وحشية تتجاوز حدود الخيال

حسن زايد

تمثال حافظ الأسد في شوارع حماة

12 يومًا هزّت العالم.. كيف سقط النظام في سوريا؟

سقط الأسد بأيدي السوريين الذين وصمهم وحاربهم وشرّدهم، ولم يكن السقوط مجرد نهاية طاغية، بل فتح مرحلة تاريخية جديدة لسوريا وشعبها، وتتويجًا لنضال عصيب

فريق التحرير

جبل قاسيون

جدلية الصمت في تركة الاستبداد السوري

يقودنا الفهم العميق لآليات السلطة إلى معرفة الكيفية التي حوّلت بها تلك السلطة الصمت إلى استراتيجية للبقاء، لكن في المقابل تقودنا تلك العملية إلى معرفة طرق المقاومة الخفية التي قد تنبع من هذا الصمت نفسه

رامز صلاح

المزيد من الكاتب

مهيب الرفاعي

كاتب وباحث سوري

من "VIP" إلى "Premium".. صعود التميّز التجاري

تسعى الشركات باستمرار إلى استراتيجيات للتميز وجذب المستهلكين المميزين، حيث يتضمن هذا المفهوم رفع مستوى المنتج أو الخدمة إلى مستوى أعلى من الجودة المعتادة

"ليفا بالستينا".. الموسيقى العالمية وإعادة غناء فلسطين عبر الأجيال

تحكي الأغاني العالمية التضامنية مع فلسطين قصصًا مقنعة وواقعية بحتة من حياة الفلسطينيين، وتسلط الضوء على قضايا مثل الفصل العنصري والتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان والإبادة

الاقتصاد والمال ومستويات السلطة في مسلسل "الخربة"

"الخربة" ليس مجرد مسلسل كوميدي، بل انعكاس للصراعات الاجتماعية العميقة في بيئة ريفية صغيرة يتحوّل فيها المال إلى أداة للسيطرة والنفوذ