ليبيا

حقوق الإنسان في ليبيا.. سنوات الإفلات من العقاب وجرائم بلا محاسبة

12 مايو 2025

شهدت ليبيا خلال السنوات الخمس الماضية (2020–2025) استمرارًا في تدهور أوضاع حقوق الإنسان بسبب تفشي انتهاكات جسيمة ترتكبها المليشيات المسلحة وأطراف أمنية في مراكز احتجاز رسمية وغير رسمية؛ وتشمل هذه الانتهاكات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والعنف الجنسي والقتل خارج نطاق القانون.

وقد توصل خبراء الأمم المتحدة إلى أن قوات أمنية وجماعات مسلحة في ليبيا ارتكبت طيفًا واسعًا من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد مواطنين ليبيين ومهاجرين غير نظاميين، مع دعوة عاجلة إلى المساءلة لوضع حد لحالة الإفلات من العقاب المتفشية.

كما وثقت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة انتهاكات من بينها قمع المجتمع المدني والاحتجاز التعسفي والقتل والإخفاء القسري وغيرها، وهي انتهاكات وخروقات ممنهجة تترجم ضعف سيادة القانون وانتشار المسلحين التي تعمل دون رادع فعلي.

السياق العام للوضع الحقوقي في ليبيا

تعاني ليبيا من عدم استقرار سياسي وأمني منذ ثورة شباط/فبراير 2011، وقد تفاقم الوضع خلال الفترة 2020–2025 بفعل الانقسام بين سلطتين متنافستين وضعف مؤسسات الدولة، ورغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر 2020 وانخفاض حدة النزاع المسلح، فإن البلاد ظلت مقسمة ومُسلَّحة: حيث استمر وجود حكومتين متوازيتين (حكومة معترف بها دوليًا في طرابلس وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وأخرى مكلفة من مجلس النواب في المنطقة الشرقية وهي الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد) مع نفوذ واسع للمليشيات المحلية في كل منطقة، وقد أدى ذلك إلى غياب رقابة مركزية فعلية على الأجهزة الأمنية وإلى تفشي حالة الإفلات من العقاب. ووفقًا لبعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا التي أنهت ولايتها في آذار/مارس 2023، فإن كلًا من الجهات الرسمية وغير الرسمية تورطت في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج القانون وتعذيب وحالات اختفاء قسري واحتجاز غير قانوني.

في هذا السياق، واصلت المليشيات والجماعات المسلحة، وحتى بعض الأجهزة التابعة للدولة، احتجاز آلاف الأشخاص تعسفيًا، أحيانًا لسنوات طويلة دون أي إجراءات قانونية للطعن في شرعية احتجازهم؛ وقد طال الاختطاف والإخفاء القسري عشرات من الصحفيين والسياسيين والناشطين منذ 2020 بسبب مواقفهم السياسية أو نشاطهم الاجتماعي أو حتى انتماءاتهم المناطقية والقبلية، ورغم التحسن النسبي في الوضع الأمني العام بعد 2020 (بما في ذلك عودة كثير من النازحين داخليًا إلى مناطقهم)، اندلعت اشتباكات موضعية بين المجموعات المسلحة بين الحين والآخر في عدة مناطق، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير ممتلكات. 

وأدخلت السلطات الكثير من قادة المليشيات في هياكلها الرسمية وقدمت لهم تمويلًا بدلًا من محاسبتهم، الأمر الذي أكسب هذه الجماعات نفوذًا شرعيًا وشجعها على مواصلة الانتهاكات دون خوف من العقاب، وفي الوقت نفسه، فشلت الدولة في حماية الفئات المستضعفة؛ إذ استمرت الاعتداءات عليهم دون رادع يُذكر، وتعرضت الأقليات والنازحون لتمييز وعوائق في الوصول إلى الخدمات الأساسية، وقد أسهمت هذه العوامل مجتمعة في خلق بيئة حقوقية هشة يتراجع فيها احترام الكرامة الإنسانية وسيادة القانون.

الانتهاكات في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية

تُعتبر مراكز الاحتجاز، سواء الخاضعة شكليًا لسيطرة الدولة أو السرية التي تديرها المجموعات المسلحة، بؤرًا أساسية لأخطر الانتهاكات في ليبيا خلال الأعوام الأخيرة: الاعتقال التعسفي دون تهمة أو محاكمة ظل ممارسة شائعة؛ فقد قُدّر أن الآلاف من المحتجزين يقبعون في السجون الليبية لسنوات دون إجراءات قانونية للطعن في احتجازهم.

في غرب ليبيا، تقع العديد من السجون تحت سيطرة جماعات مسلحة تعمل اسميًا تحت وزارتي الداخلية أو الدفاع، ولكن فعليًا تمارس نفوذها الخاص. وفي الشرق، تسيطر قوات الجيش الوطني الليبي التابعة لخليفة حفتر على السجون، حيث حُوكم مدنيون أمام محاكم عسكرية في محاكمات تفتقر لمعايير العدالة؛ وفي كلا الجانبين، تم توثيق تفشي التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، حيث أفادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتكرار حالات التعذيب والاستجواب تحت الإكراه وانتزاع الاعترافات بالقوة ووفيات لمحتجزين أثناء الاحتجاز خلال 2024 في شتى أنحاء البلاد. وتحدثت تقارير عن وقوع عمليات قتل معتقلين خارج نطاق القانون داخل بعض السجون أو خلال نقلهم، في ظل غياب أي رقابة قضائية فعالة، أضف إلى ذلك ظروف الاحتجاز القاسية من اكتظاظ وانعدام للنظافة والرعاية الطبية والتي أدت إلى تدهور صحة المحتجزين؛ حتى أن بعضهم فقدوا حياتهم نتيجة الإهمال أو التعذيب دون تحقيق يُذكر في تلك الوفيات.

تتضاعف جسامة الانتهاكات في مراكز احتجاز المهاجرين واللاجئين، حيث يواجه المحتجزون غير الليبيين ظروفًا وصفت بأنها كارثية؛ احتُجز آلاف المهاجرين واللاجئين في ليبيا تعسفيًا بعد اعتراضهم في البحر المتوسط أو توقيفهم داخل البلاد وفي المناطق الحدودية، وتعرضوا في مراكز الاحتجاز لانتهاكات مروعة شملت التعذيب والقتل غير المشروع والعنف الجنسي والعمل القسري. فعلى سبيل المثال، في النصف الأول من عام 2021 وحده اعترض حرس السواحل الليبي (بدعم من الاتحاد الأوروبي) نحو 15 ألف شخص في عرض البحر وأعادهم قسرًا إلى ليبيا، حيث تم إيداع الكثير منهم في مراكز احتجاز في طرابلس، وقد وثقت منظمة العفو الدولية إفادات لمحتجزين في تلك المراكز تفيد بتعرضهم للضرب والتعذيب وظروف احتجاز غير إنسانية وابتزاز مالي والعمل القسري، بالإضافة إلى تفتيشات مهينة وعنيفة، وهذه الممارسات ليست استثناءً؛ فمراكز احتجاز المهاجرين عمومًا، الرسمية منها وغير الرسمية تنعدم فيها الرقابة والمساءلة.

الأسوأ أن كثيرًا من مراكز احتجاز المهاجرين تدار فعليًا من قبل مليشيات مسلحة تحصل على تمويل أو غطاء رسمي، وعلى سبيل المثال، جهاز دعم الاستقرار الذي أنشأته حكومة الوفاق الوطني ثم حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عام 2021 قام باعتراض مهاجرين في البحر واحتجازهم في مراكز احتجاز سرية حسب تأكيد وزارة الداخلية نفسها، حيث زُج بالمهاجرين في مخيمات مكتظة سيئة التهوية، حيث يتعرضون بشكل روتيني للعمل القسري وغير ذلك من أشكال الاعتداء الجنسي على أيدي الميليشيات. وقد اختفى مئات من المهاجرين الذين تم اعتراضهم في البحر ولم يُعرف مصيرهم، ما يثير مخاوف بشأن تعرضهم للاتجار أو الاحتجاز في مواقع سرية خارج علم السلطات القضائية، وهذه الانتهاكات الممنهجة للمهاجرين دفعت خبراء الأمم المتحدة إلى وصف ما يتعرض له المهاجرون واللاجئون في ليبيا بأنه قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية من استعباد وتعذيب واضطهاد.

دور المليشيات في ارتكاب الانتهاكات

لعبت المليشيات المسلحة دورًا محوريًا في الانتهاكات الحقوقية خلال السنوات الأخيرة، سواء تلك التي تتمتع بنفوذ في الغرب الليبي تحت مظلة شكلية للدولة، أو تلك المتمركزة في الشرق ضمن قوات خليفة حفتر، أو جماعات مستقلة في مناطق مختلفة. فقد استأثرت هذه المجموعات بسلطات أمنية وقضائية بحكم الأمر الواقع واستخدمتها للتنكيل بالخصوم وترسيخ نفوذها، مما أفرز بيئة من الرعب وانعدام القانون في العديد من المناطق.

في الغرب الليبي، تزخر طرابلس ومحيطها بمليشيات قوية متورطة في انتهاكات خطيرة: على سبيل المثال، جهاز دعم الاستقرار وهو قوة شكلتها حكومة الوفاق الوطني ثم دعمتها حكومة الوحدة الوطنية وتورطت في القتل خارج نطاق القانون والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاستعباد، حسبما وثّقت منظمة العفو الدولية التي حذرت من أن إضفاء الشرعية على قادة المليشيات المسيئة ووضعهم على كشوف رواتب الدولة، دون محاسبة، لا يؤدي إلا إلى تمكينهم من مواصلة انتهاك حقوق المزيد من الناس مع الإفلات التام من العقاب.

مثال آخر صارخ هو ما يعرف بقوة العمليات المشتركة في مصراتة، وفي آذار/مارس 2022 انتشر مقطع فيديو صادم يظهر إعدامًا خارج نطاق القانون نفذته عناصر من هذه القوة بحق شاب ليبي أعزل (الطيب الشراري 27 عامًا) في شارع عام، وقد أظهر الفيديو الضحية وهو يحاول الفرار قبل أن يطلق عليه مسلحون النار من مسافة قريبة ويردوه قتيلًا، ثم يُنقل جثمانه في سيارة تابعة للقوة المشتركة. وعلّقت منظمة العفو على هذه الحادثة بأنها تجسيد مرعب للعواقب المميتة للإفلات من العقاب الذي تتمتع به المليشيات في ليبيا، وطالبت وقتها السلطات الليبية بالتحقيق الفوري والفعال في حادثة الإعدام هذه ومحاسبة المسؤولين عنها، مؤكدةً أنه من المشين أن تستمر مكافأة تلك الجماعات المسيئة عبر تمويلها ودمج أفرادها في مؤسسات الدولة دون أي تمحيص.

في شرق ليبيا، تسيطر قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على الأرض عبر تحالف من المليشيات المسلحة، ولم تكن أقل تورطًا في الانتهاكات، وخلال عدوان قوات حفتر على طرابلس (2019–2020) وبعد سيطرتها على مناطق في الشرق، وثقت منظمات حقوقية حالات لتصفية أسرى وإعدامات ميدانية نفذها مسلحون تابعون لحفتر؛ ومن الأمثلة البارزة مقاطع الفيديو التي ظهرت في سنوات سابقة لضابط من قواته يقوم بإعدام معتقلين بدم بارد، وهو الضابط محمود الورفلي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بسبب تلك الأفعال (ورغم ذلك لم يُعتقل وتعرض للاغتيال لاحقًا في 2021 دون تحقيق). 

كما شهدت مناطق الشرق سلسلة اغتيالات واختطافات لناشطين ومسؤولين منتقدين لحفتر وأتباعه – على غرار اختطاف النائبة سهام سرقيوة في بنغازي عام 2019 واغتيال المحامية حنان البرعصي في شارع ببنغازي عام 2020 وآخرها مقاطع الفيديو الصادمة التي تم تداولها قبل أيام للنائب إبراهيم الدرسي وهو مكبل وعليه آثار تعذيب – حيث تشير أصابع الاتهام إلى جماعات موالية لحفتر وسط غياب تام للمحاسبة. ويشير تقرير لمنظمة العفو الدولية إلى أن المليشيات والجماعات المسلحة في عموم ليبيا دأبت على استهداف الأفراد بناءً على انتماءاتهم السياسية أو الجهوية.

ومن أفظع الجرائم التي ارتكبتها المليشيات ما حدث في مدينة ترهونة (جنوب شرق طرابلس) على يد مليشيا الكاني أو ما يعرف بالكانيات؛ هذه الجماعة، التي سيطرت على ترهونة لسنوات وتحالفت لاحقًا مع قوات حفتر، أشاعت الإرهاب في المدينة وارتكبت عمليات قتل جماعي، وبحسب هيئة البحث والتعرف عن المفقودين، فقد أُبلغ عن فقدان ما لا يقل عن 338 شخصًا من سكان ترهونة بين 2014 و2020 بعد سيطرة الكانيات على المدينة، وأفاد الأهالي بأن أفراد هذه المليشيا دأبوا على اختطاف واحتجاز وتعذيب وقتل كل من اعتبروه معارضًا لهم، حتى أنهم استولوا على ممتلكات المواطنين ونهبوها. وبعد دحرهم في حزيران/يونيو 2020، تم اكتشاف ما لا يقل عن 27 مقبرة جماعية في ترهونة تحوي رفات مئات الضحايا الذين أعدموا ودفنوا سرًا وتركت هذه الجرائم الجماعية صدمة عميقة وأزمة إنسانية، إذ ما زالت عائلات المفقودين تطالب بمعرفة مصير ذويها وتحقيق العدالة بحق الجناة.

بشكل عام، أظهرت تجربة السنوات الأخيرة في ليبيا أن المليشيات المسلحة – سواء الموالية شكليًا للدولة أو المناوئة لها – تمثل الخطر الأكبر على حقوق الإنسان، فهي تستغل ضعف مؤسسات إنفاذ القانون لتفرض سلطتها عبر البندقية، مرتكبة شتى الانتهاكات من قتل وتعذيب وخطف وابتزاز، فيما ينعم أفرادها بحصانة الأمر الواقع. ولم تؤدِّ بعض الإجراءات الحكومية كدمج هذه المليشيات أو تمويلها إلى كبح تجاوزاتها؛ بل على العكس اعتبرتها المنظمات الحقوقية مكافأة تُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب. وهكذا تستمر دوامة العنف والانتهاك، ما دام الجناة لم يواجهوا عواقب أفعالهم عبر مسار قضائي عادل ورادع.

الأبعاد القانونية الدولية وآليات المحاسبة

أثارت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا قلقًا دوليًا متزايدًا، نظرًا لخطورة تلك الأفعال التي تشكل خرقًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛ فجرائم مثل التعذيب والقتل العمد للمدنيين والاختفاء القسري والاستعباد والعنف الجنسي ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية متى ما ارتُكبت بشكل ممنهج أو واسع النطاق، وهو ما يرجح أنه حدث في الحالة الليبية خلال السنوات الماضية بحسب تقارير أممية. وليبيا ملزمة بموجب معاهدات دولية عدة (منها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب) باحترام حقوق الإنسان ومعاقبة منتهكيها، إلا أن ضعف سيادة القانون داخليًا حال دون الوفاء بهذه الالتزامات، مما استدعى تفعيل آليات دولية للمساءلة.

من أبرز هذه الآليات بعثة تقصي الحقائق الدولية بشأن ليبيا التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حزيران/يونيو 2020 بهدف التحقيق في الانتهاكات منذ 2016، وخلال فترة عملها التي استمرت ثلاث سنوات، جمعت البعثة أدلة وشهادات حول الانتهاكات، وخلصت في تقريرها الختامي (آذار/مارس 2023) إلى وجود أسس معقولة للاعتقاد بأن جهات رسمية وغير رسمية ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ليبيا، وقد حددت بالاسم بعض الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، بينها حرس السواحل الليبي (لتورطه في انتهاكات ضد المهاجرين)، وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والفصائل المسلحة التابعة لها، وكذلك قوات خليفة حفتر في الشرق، وأعربت عن قلقها البالغ إزاء استمرار تدهور حالة الحقوق والحريات، مشيرةً إلى عدم تعاون السلطات الليبية معها بشكل كافٍ حيث لم يُسمح للمحققين بدخول كافة المناطق أو زيارة أي مراكز احتجاز أثناء أداء ولايتهم، وفي توصياتها الختامية، دعت بعثة تقصي الحقائق المجتمع الدولي إلى إنشاء آلية دولية مستقلة مستمرة للتحقيق في الانتهاكات ومراقبة الوضع الحقوقي في ليبيا، وذلك لضمان استمرار تسليط الضوء على ما يجري وجمع الأدلة تمهيدًا لمحاسبة المسؤولين، كما أوصت بإطلاق عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في ليبيا، تتضمن إجراءات لكشف الحقيقة وجبر الضرر وتعويض الضحايا، من أجل معالجة إرث الانتهاكات الطويل.

أما المحكمة الجنائية الدولية، فقد ظلت معنية بالوضع في ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 (عام 2011) الذي أحال الملف الليبي إلى المحكمة؛ وخلال الفترة الأخيرة حققت المحكمة تطورًا مهمًا في مسار المساءلة، ففي تشرين الأول/أكتوبر 2024 أعلن المدعي العام للمحكمة كريم خان، عن إزالة السرية عن مذكرات توقيف بحق ستة متهمين ليبيين على صلة بجرائم خطيرة في ترهونة، ومن بين هؤلاء المطلوبين ثلاثة من قادة وعناصر مليشيات الكاني التي كانت تسيطر على ترهونة، بالإضافة إلى ثلاثة مسؤولين أمنيين ليبيين تعاونوا مع الكانيات وقت ارتكاب الجرائم. وتُتهم هذه الشخصيات جميعًا بارتكاب جرائم بموجب نظام روما الأساسي في ترهونة، تشمل القتل والإخفاء القسري وغيرها، حيث عُثر على مئات الجثث في مقابر جماعية في ترهونة تعود لضحايا تلك الميليشيات، واعتبر المدعي العام قرار إصدار هذه المذكرات ورفع سريتها تطورًا مهمًا نحو تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في ليبيا. إلى جانب ذلك، لا تزال المحكمة الجنائية الدولية تطالب السلطات الليبية بتسليمها متهمين آخرين صدرت بحقهم أوامر اعتقال سابقة بسبب جرائم منذ 2011، كسيف الإسلام القذافي ومسؤولين أمنيين سابقين وآخرين متهمين بجرائم حرب، إلا أن أيًا منهم لم يُسلَّم حتى الآن، مما يعكس استمرار التحديات أمام إنفاذ العدالة الدولية في السياق الليبي.

على صعيد آخر، فُرضت عقوبات دولية على بعض منتهكي حقوق الإنسان في ليبيا، حيث قام مجلس الأمن الدولي بإدراج مليشيات الكانيات على قائمة العقوبات في نوفمبر 2020 لدورهم في عمليات القتل بترهونة، بما يشمل تجميد أصولهم ومنع سفرهم، كما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على شخصيات أخرى متهمة بالتورط في الاتجار بالبشر أو انتهاكات ضد المهاجرين؛ ورغم أن هذه العقوبات تشكل ضغطًا سياسيًا ومعنويًا، إلا أنها وحدها غير كافية لردع المجموعات المسلحة التي تتحصن بقوة السلاح على الأرض.

أما منظومة العدالة الوطنية الليبية فتعاني انقسامات وضعف كبير يعيق قدرتها على التصدي للانتهاكات؛ فالأجهزة القضائية نفسها منقسمة بين سلطتي الشرق والغرب، وتخضع لضغوط وتهديدات من المليشيات، ولم تشهد سوى محاكمات محلية نادرة تتعلق بجرائم الحرب أو انتهاكات حقوق الإنسان الحديثة، وغالبًا ما تكون انتقائية أو تفتقر للمعايير اللازمة، ثم إن كثيرا من الضحايا وعائلاتهم يخشون التقدم بشكاوى رسميًا ضد مليشيات نافذة خوفًا من الانتقام، وهذا العجز الداخلي عن المحاسبة أكده خبراء قانونيون، حيث لا يزال الافتقار للإرادة السياسية لدى السلطات الليبية عائقًا أمام محاسبة مرتكبي الانتهاكات الواسعة والممنهجة، لذلك تبقى الآمال معلقة على آليات العدالة الدولية والتعاون الأممي لضمان عدم إفلات المسؤولين عن تلك الجرائم من العقاب.

دور المنظمات الدولية الحقوقية

اضطلعت المنظمات الحقوقية الدولية بدور هام في تسليط الضوء على معاناة الضحايا في ليبيا وكشف الانتهاكات وجمع الأدلة والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان أمام المحافل العالمية، ومن أبرز هذه المنظمات هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، اللتان تابعتا عن كثب الوضع الليبي خلال 2020–2025 وأصدرتا تقارير وتحقيقات ميدانية ساهمت في رفع وعي المجتمع الدولي وضغطت باتجاه إجراءات للمساءلة.

قامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق العديد من الانتهاكات عبر تقارير مفصلة: على سبيل المثال، نشرت المنظمة تقريرًا عام 2021 يوثق الفظائع التي ارتكبتها مليشيات الكاني في ترهونة، بما في ذلك اختفاء المئات من السكان والعثور على عشرات المقابر الجماعية هناك، كما تابعت عن كثب أعمال بعثة تقصي الحقائق الأممية، ودعت إلى تمديد تفويض البعثة وتعزيز آليات الرصد الدولي عندما لاحظت اتجاهًا لإنهاء مهمتها دون إنشاء بديل لها. وقد حذرت المنظمة في آذار/مارس 2023 من أن إنهاء ولاية بعثة تقصي الحقائق سيؤدي إلى خفض كبير في الشفافية وتسليط الضوء على ما يحدث داخل ليبيا، واعتبرت توصية البعثة بإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة أمرًا ضروريًا ينبغي لمجلس حقوق الإنسان تبنيه، ولدى تقاعس المجلس وتجديده الباهت لقرار بتركيز على المساعدات الفنية بدلًا من التحقيق الدولي، انتقدت هيومن رايتس ووتش ذلك بحدة واعتبرته تقصيرًا من قبل بعض الدول – خاصة الأوروبية – في تطبيق معايير موحدة تجاه حالات الانتهاكات الجسيمة. وقد وثقت أيضا قيود السلطات الليبية على المجتمع المدني خلال 2023 (مثل فرض عراقيل على تسجيل المنظمات ومنح التأشيرات للعاملين الإنسانيين) وحذرت من أن تضييق الفضاء المدني سيزيد الوضع الحقوقي تدهورًا.

من جهتها، ركزت منظمة العفو الدولية على كشف الجرائم الفردية والجماعية التي ترتكبها المليشيات والأجهزة الأمنية والدعوة لمحاسبة مرتكبيها، ونبهت مبكرًا إلى الانتهاكات ضد المهاجرين بدعم أوروبي، وأصدرت تقارير مثل تقرير حزيران/يوليو 2021 الذي عرض أدلة جديدة على التعذيب والعنف الجنسي ضد المهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية، واعتبر استمرار أوروبا في إعادة المهاجرين قسرًا إلى ليبيا دورًا مخزيًا، وفي أيار/مايو 2022، أطلقت العفو الدولية حملة علنية لمطالبة السلطات الليبية بمحاسبة قادة جهاز دعم الاستقرار، كاشفةً عن ضلوعه في قتل محتجزين بشكل غير قانوني واعتقال الناس تعسفيًا وتعذيبهم واستغلالهم في أعمال السخرة.

ونشرت المنظمة بيانًا تدعو فيه صراحةً إلى التحقيق مع قائد الجهاز عبد الغني الككلي وفريقه وتقديمهم للعدالة عن الجرائم المنسوبة إليهم. كما تواصلت العفو مع الجهات الرسمية؛ وخلال تحقيقاتها أقرّ مسؤولون في وزارة الداخلية بدور الجهاز في اعتراض المهاجرين واحتجازهم في ظروف غير إنسانية يتعرضون فيها للانتهاكات، وشددت على أن ما وثقته من اعتقال جماعي وتعذيب وغيره من الانتهاكات المروعة، التي يرتكبها عناصر جهاز دعم الاستقرار ضد المهاجرين، ينبغي أن يكون تذكيرًا بأنه لا يجوز أبدًا إعادة أي شخص يتم اعتراضه في المتوسط إلى ليبيا، كما ناشدت الاتحاد الأوروبي بأن يعلق تعاونه مع السلطات الليبية في مجال حرس الحدود ما لم يُضمن احترام حقوق الإنسان، وذلك للضغط على طرابلس كي تنهي ما سمته سياساتها الوحشية ضد المهاجرين.

إلى جانب هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، أسهمت منظمات أخرى دولية وإقليمية في كشف الحقائق والمناصرة، مثل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي تنشر دوريًا تحديثات عن أوضاع حقوق الإنسان، ولجنة الحقوقيين الدولية ومحامين من أجل العدالة في ليبيا الذين عملوا على إعداد ملفات قانونية عن جرائم الحرب، كما لعبت منظمات ليبية غير حكومية دورًا في توثيق الانتهاكات محليًا والتواصل مع الآليات الدولية، على الرغم من تعرض نشطائها لمخاطر كبيرة؛ وقد أدى الضغط المتواصل لهذه الجهات مجتمعةً إلى إبقاء قضية الانتهاكات في ليبيا ضمن أجندة الهيئات الأممية؛ فعلى سبيل المثال، طالب ائتلاف من المنظمات الليبية المجتمع الدولي بضمان استمرار خضوع ليبيا لرقابة مجلس حقوق الإنسان عبر آلية دولية مستقلة، محذرين من أن غياب الرقابة سيشجع أمراء الحرب على تصعيد انتهاكاتهم، وبالفعل، يُعزى الفضل إلى جهود هذه المنظمات في إنشاء بعثة تقصي الحقائق عام 2020، وفي جمع كثير من الأدلة التي استندت إليها تقارير الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لاحقًا، ويبقى دورها حيويًا في دعم الضحايا ونقل صوتهم ومتابعة تنفيذ التوصيات على أرض الواقع.

التوصيات

في ضوء ما سبق عرضه من انتهاكات موثقة وتحليل للأوضاع الراهنة، يمكن اقتراح مجموعة من التوصيات لتحسين حالة حقوق الإنسان في ليبيا وضمان المحاسبة وعدم تكرار الجرائم:

1-تفكيك نفوذ المليشيات وإخضاعها لسيادة القانون: ينبغي للسلطات الليبية دمج التشكيلات المسلحة ضمن أجهزة أمنية وعسكرية موحدة بشكل مدروس، مع إجراء عملية تدقيق وفحص صارمة لعناصرها لاستبعاد المتورطين في انتهاكات جسيمة، كما يجب إنهاء أي تمويل أو إسناد رسمي لجماعات مسلحة خارج إطار القانون، ووضع جميع مراكز الاحتجاز تحت إشراف الدولة الكامل.

2-الإفراج عن المحتجزين تعسفيًا وضمان الإجراءات القانونية: على السلطات إطلاق سراح جميع من احتُجز دون سند قانوني أو تجاوزت مدة حجزه دون محاكمة عادلة، وخاصةً معتقلي الرأي والمعارضين السياسيين، كما يجب تمكين النيابة العامة والقضاء من مراجعة شرعية كل حالات الاحتجاز بشكل عاجل، وتأمين حق المحتجز في التواصل مع محامٍ وأسرته ومعرفة التهمة الموجهة إليه أو إطلاق سراحه.

3-مكافحة التعذيب وسوء المعاملة في السجون: يتعين على الحكومة سن إجراءات فورية لمنع التعذيب في مرافق الاحتجاز، بما في ذلك وضع كاميرات مراقبة مستقلة، والسماح بزيارات مفاجئة من قبل هيئات الرقابة الوطنية والدولية كالصليب الأحمر والأمم المتحدة، ومحاسبة أي مسؤول أو حارس متورط في التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، كما يجب توفير رعاية طبية ملائمة وظروف احتجاز تراعي كرامة المحتجزين وسلامتهم.

4-حماية المهاجرين واللاجئين ووقف الانتهاكات بحقهم: على السلطات الليبية إغلاق مراكز الاحتجاز سيئة الصيت التي يُحتجز فيها المهاجرون تعسفيًا لفترات غير محددة، واعتماد مقاربات بديلة تحترم حقوق الإنسان فيما يتعلق بإدارة الهجرة، ويجب ملاحقة ومعاقبة المسؤولين عن الاعتداءات المتكررة والعمل القسري ضد المهاجرين، وضمان إحالة ضحايا هذه الجرائم إلى جهات توفر لهم الحماية والرعاية الطبية والنفسية، كما يتعين على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر جذريًا في تعاونه مع حرس السواحل الليبي؛ بحيث يكون أي دعم مشروطًا بتحسين معاملة المهاجرين واحترام القانون الدولي، وإلا فعليه تعليق إعادة الأشخاص إلى ليبيا تنفيذًا لالتزام عدم الإعادة القسرية.

5-إطلاق عملية عدالة انتقالية شاملة: استجابةً لتوصيات الأمم المتحدة، يجب على ليبيا تبنّي مشروع عدالة انتقالية يتضمن آلية لكشف الحقيقة حول انتهاكات الماضي والحاضر وتوثيقها رسميًا، والاستماع إلى شهادات الضحايا وأسرهم، بالإضافة إلى برنامج تعويضات وجبر ضرر للمتضررين يضمن لهم حقوقهم ويعترف بمعاناتهم. هذه العملية ينبغي أن تترافق مع جهود مصالحة وطنية واسعة النطاق لمعالجة الانقسامات المجتمعية التي استغلها أمراء الحرب، وذلك لضمان عدم تكرار الانتهاكات وبناء عقد اجتماعي جديد قائم على سيادة القانون واحترام الحقوق.

6-تفعيل المساءلة القضائية وملاحقة الجناة: لتحقيق الردع ومنع ثقافة الإفلات من العقاب، يجب تعزيز قدرة واستقلال القضاء الليبي ليتمكن من نظر قضايا انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب بنزاهة، ويتطلب ذلك حماية القضاة ووكلاء النيابة والشهود من أي ترهيب أو تدخل من قبل المليشيات، كما ينبغي توحيد المؤسسات القضائية بين الشرق والغرب لضمان عدم وجود ملاذ آمن للمرتكبين في أي بقعة من البلاد؛ وفي حال تعذر محاكمة المسؤولين محليًا بشكل عادل، فعلى السلطات التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية لتسليم المطلوبين لديها، والنظر في قبول ولاية قضائية أوسع للمحكمة على الجرائم الحالية إذا استمر العجز المحلي.

7-استمرار الرقابة الدولية وتعيين آلية تحقيق دائمة: على الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان النظر في إنشاء آلية دولية دائمة لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا والإبلاغ عنها بشكل دوري، قد تكون في شكل مقرر خاص أو لجنة خبراء دائمة، ومن الضروري الإبقاء على أنظار المجتمع الدولي مسلطة على الوضع الليبي في المرحلة المقبلة لضمان تنفيذ الإصلاحات وعدم عودة الانتهاكات الممنهجة. وفي هذا السياق، يجب تزويد هذه الآلية بصلاحيات التحقيق الميداني والوصول إلى جميع مناطق البلاد ومراكز الاحتجاز وجمع الأدلة تمهيدًا لإجراءات قضائية مستقبلية.

8-دعم المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان: توصي المنظمات الدولية بأن توفر السلطات الليبية بيئة آمنة لعمل النشطاء الحقوقيين والصحفيين، عبر إلغاء أو تعديل القوانين المقيدة لحرية تكوين الجمعيات والتعبير، وحماية الناشطين من الملاحقة أو العنف، ثم إن تمكين أصوات المجتمع المدني المحلي وضمان حريتهم في توثيق الانتهاكات والتعبير عن النقد ضروري لكشف أي تجاوزات في المستقبل في وقتها ولخلق ضغط شعبي من أجل الإصلاح.

في الختام، إن تحسين وضع حقوق الإنسان في ليبيا مرهون بإرادة حقيقية لإعلاء سيادة القانون ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات دون استثناء؛ فلا استقرار ولا سلام مستدام بدون عدالة وإنصاف للضحايا، وعلى السلطات الليبية، بدعم من المجتمع الدولي، أن تتخذ خطوات شجاعة لتنفيذ هذه التوصيات وغيرها من مقترحات الإصلاح.

إن الطريق إلى الأمام يجب أن يشمل إنهاء عهد المليشيات المنفلتة، وترسيخ دولة المؤسسات الخاضعة للمساءلة، وضمان عدم تكرار المآسي الحقوقية التي عانى منها الليبيون والمهاجرون على أرض ليبيا خلال السنوات الماضية: المساءلة والعدالة هي الركيزة الأساسية لإغلاق صفحة مظلمة وبناء مستقبل تصان فيه كرامة وحقوق كل إنسان في ليبيا.

الكلمات المفتاحية

الأكثر قراءة

1

أشكال الجنس والزواج عند العرب.. الغريزة تحت الوصاية

تاريخ مشتبك من أشكال الزواج والعلاقات الجنسية وتحوُّلاتها عند العرب، في الجاهلية وبعد الإسلام، وصولًا إلى العصر الحديث

2

حيلة البقاء.. لماذا لا نستطيع التوقف عن اللعب؟

الألعاب وسيلة لتحفيز الإبداع في شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت، حيث تُدمج في بيئة العمل كأداة لشحن الطاقة الذهنية وتحرير الأفكار، وليس فقط للترفيه، بهدف تعزيز الابتكار والانضباط

3

حكاية سيد درويش.. الحب والثورة والزوال

اعتُبر سيد درويش مخلّصًا للأغنية المصرية من عجمتها التركية، وقال البعض إنه أعاد الموسيقى إلى أصلها العربي كما كانت في زمن الخلافة العباسية

4

لقد تقاسموا العالم.. أغنية حزينة عن ماما أفريكا

تاريخ إفريقيا في العصر الحديث هو تاريخ نهب ثرواتها، يرصد هذا المقال مأساة إفريقيا منذ عهد جيوش الاستعمار إلى عهد الشركات العملاقة

5

من الأنقاض إلى الخوارزميات.. سوريا تعيد بناء ذاتها رقميًا

تمثل البيانات الضخمة فرصة، إذا واتتها الظروف التقنية واللوجستية المناسبة، لإنجاز كثير من المهام الكبرى في مرحلة إعادة إعمار سوريا، وإزالة آثار عقد ونصف من الحرب والشتات

اقرأ/ي أيضًا

تتقاطع صور الحريم التي صوّرها الفنّانون المستشرقون مع خطابات التحرير المعاصرة

من الحريم إلى خطاب الإنقاذ.. تشريح الاستشراق الجنسي

انطلق الاستشراق الجنسي مع الحركة الرومانسية، وتجلّى في لوحات المستشرقين التي رسمت جسد المرأة الشرقية كرمز للفتنة والخضوع، ثم تحوّل التخيل إلى أداة استعمارية، عبر خطاب "إنقاذ المرأة المسلمة"

إسراء عرفات

اليمن
اليمن

الخاص والمشترك في تجارب وأحوال الأمم

تنْبع الأخطاء المعرفية وما ينجرّ عنها من مخاطر ومفاسد عامة عن وضع ظواهر وحوادث مختلفة بالنوع والزمان والمكان في لائحة تفسيرية واحدة والتعامل معها معرفيًا وكأنها الشيء نفسه وجودًا وعدما، كمًّا وكيفا.

محمد العلائي

الاستبداد

تحولات نظام الاستبداد في المجال العربي

من طريف سجالات الصراع بين عبد الناصر والإخوان أنّه كان يتهمهم بالعمالة لبريطانيا، في حين كانوا يصرّون على اعتباره رجل الولايات المتحدة

زهير إسماعيل

الكرامة الحمصي

محمد قويض.. الكرامة في ملعب الدكتاتورية

قدّم محمد قويض أبو شاكر نموذجًا مناقضا لما واظبت السلطة على ترويجه وشكّل تفنيدًا صريحا لسرديتها وتهديدًا لسلامة مفهومها حول السلم الأهلي

حيان الغربي

-rd-azya.jpg

الموضة والاستعمار.. وباء على السجاد الأحمر

يعد العبث بالحياة اليومية لشعوب الجنوب العالمي إحدى تبعات استحواذ دول الشمال على المؤسسات المصنعة للملابس

مها زيادة