العامية المصرية

العامية المصرية: تاريخ حيّ لحضارات تنطق على الألسنة

24 مايو 2025

(عبر الأستاذ أحمد كوبري أكتوبر متجهًا إلى قسم البوليس، وهو يتناول ساندوتش جمبري وطبقًا من الترمس، بينما كان يرتدي شورت أزرق، وبرفقته  زوجته السيدة القادمة حالًا من بنها).. منذ الوهلة الأولى لقراءة تلك العبارة يتوهّم القارئ أنها عامية مصرية أصيلة، فمثل تلك الكلمات تتردّد على مدار الساعة على لسان أكثر من 110 مليون مصري، وربّما أضعافهم من أبناء الجنسيات العربية الأخرى التي تجيد التحدّث باللهجة المصرية.

لكن المفاجئ في هذا الأمر؛ أن تلك العبارة التي لا تتجاوز بضع كلمات تعدّ على الأصابع هي خليط لثمان لهجات ولغات مختلفة، شكلت اللهجة المصرية الحالية، فـ "الأستاذ" أصلها فارسي، و "الكوبري" تركي، و"البوليس" فرنسي، و "الجمبري" إيطالي، و"الترمس" و"بنها" قبطيتان، و"الشورت" إنجليزي و "ست" فرعوني.

وُهبت اللهجة العامية المصرية ما لم توهب غيرها من اللهجات، فهي مزيجٌ متناسق لثقافات عدّة، تتجذّر من حضارات متباينة، لتشكّل فيما بينها بنيانًا مرصوصًا من الكلمات والمرادفات والعبارات والأفعال والتصاريف، خلقت مجتمعة لهجة هي الأكثر انتشارًا في المنطقة العربية، وصاحبة الحضور الطاغي على ألسنة الملايين من المصريين والعرب وربما بعض الجنسيات الأجنبية الأخرى.

اللهجة المصرية.. الأكثر انتشارًا

يقول المؤرّخ الإنجليزي ذو الأصول اللبنانية، ألبرت حوراني، في كتابه "تاريخ الشعوب العربية" الذي ترجمه أسعد صقر، إن التاريخ العملي لتطوير اللغة العربية يرجع إلى الثلث الأخير من القرن السابع الميلادي، حيث تطوّرت اللغة إلى ثلاثة مسارات مختلفة، كان لكل منها تأثيره على اللغة ولهجاتها فيما بعد.

التطوّر الأوّل ظهر في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تقع في نطاقها بطبيعة الحال المنطقة العربية، وكانت اللغة الرسمية الأكثر رواجًا على ألسنة سكّان تلك المناطق، أما التطوّر الثاني فكان بظهور العربية كلغةِ أقليةٍ يتحدّث بها عدد قليل داخل منظومة كبيرة تتكلم بلغاتٍ أخرى، فيما جاء التطوّر الثالث وهو المنتشر حاليًا في صورة اللغة المهجنة الممزوجة بالعديد من اللغات واللهجات الأخرى كما ظهر في جنوب السودان وكينيا وأوغندا.

ومع ظهور الحواضر السكانيةِ الكبيرةِ، ذات الثقل الاقتصادي والشعبي، التي أسّسها العرب بدايات القرن العشرين، بدأ المسار اللغوي يتخذ منحىً آخر، حيث الميل نحو اللهجات الخاصّة واجتذاب أكبر قدرٍ ممكن من المتحدّثين بها، من أبناء الشعوب الأخرى الباحثين عن فُرص عمل في تلك الحواضن الشعبية الاقتصادية، كما حدث في الفسطاط في مصر، والكوفة والبصرة في العراق، ودمشق في سوريا، لتنطلق العربية نحو مرحلة جديدة من الثراء والانتشار.

وبفضل الريادة المصرية في مجال الإعلام والفنون، حيث أسبقية المصريين في معرفة وسائل الإعلام (راديو وتلفزيون وصحافة) والسينما مقارنة ببقية شعوب المنطقة، استطاعت اللهجة العامية المصرية أن تفرض نفسها على الساحة، لتُصبح الأكثر انتشارًا، حيث كان صوت أم كلثوم وعبد الحليم حافظ والموسيقى المصرية، تُطرب أذان العرب من المحيط للخليج، فيما كان الجميع بلا استثناء يلتفون حول إذاعة "صوت العرب" يتنسمون عبر أثيرها نسمات العروبة والقومية منذ ستينات القرن الماضي.

صدام بين العربية والقبطية

لم يكن دخول اللغة العربية إلى مصر عملية سهلة، حيث شهدت معركة حامية الوطيس مع اللغة القبطية التي كانت تعدّ اللغة الرسمية لأهل مصر قبل العربية، اصطدام وحرب نفوذ بين اللغتين، حُسمت في صالح الأمر لصالح القبطية كما أشار الباحث في الفولكلور، أحمد رشدي صالح، في كتابه "فنون الأدب الشعبي".

يشير الكاتب إلى تراجع العربية بداية الأمر حين اصطدمت بالقبطية، ليقتصر التعامل بها على المعسكرات وعلى المناطق التي استقرّت بها القبائل العربية، حتى عام 706 ميلادية، فيما احتاجت عملية النهوض العربي في مواجهة لغة المصريين السابقة سنوات بل عقود طويلة عكس ما كان يروج له البعض، إذ كان آخر ما كُتب بالقبطية في مصر قصيدة "تريادون" بدايات عام 1300 ميلادية، أي بعد دخول العرب للأراضي المصرية بأكثر من 600 عام.

ويعد القرن العاشر الميلادي هو الانطلاقة الحقيقية لانتشار اللغة العربية في مصر بشكلٍ أوسع، إذ كان لتعريب الدواوين كلمة السرّ في حسم المعركة مع القبطية، وتعلم العربية إجباريًا على كل العاملين في الدولة للتعامل مع الدواوين المعربة، ثم جاءت لاحقًا مرحلة الترجمة من القبطية إلى العربية في القرن الحادي عشر لتتلقى اللغة المصرية الرئيسية ضربة موجعة كان لها صداها في تراجعها على المستوى الشعبي، واستمر الأمر حتى نهاية القرن الرابع عشر لتبدأ اللغة العربية سيطرتها المطلقة على لسان المصريين.

تقول أستاذ اللغة القبطية المصرية، فاطمة الجبالي، إن المصريين احتاجوا لعقود طويلة للتحدث بالعربية، إذ شهدت تلك النقلة من القبطية إلى العربية أربعة مراحل أساسية، بداية من الهيروغليفية وهي لغة المصريين القدماء، مرورًا بالديموطيقية ثم التأثر باليونانية وصولًا إلى الحرف النبطي أو العربي بوضعيته الحالية.

وتشير الجبالي في حديثها لـ"ميغازين" أن المصريين خلال رحلتهم الشاقة والطويلة للانتقال إلى العربية، قد حافظوا بشكلٍ كبيرٍ على خصائص اللغات واللهجات السابقة التي نقلوا عنها وتطوّرت عبرها، من حيث النحو والصرف والألفاظ والأصوات، وهذه إحدى ميزات اللهجة المصرية العامية، التي تبدو في حقيقتها لغةً كاملةً، تحقق كافة الشروط والمعايير اللغوية، كما أنها تُعد مزيجًا متناغما ومتناسقًا للغات ولهجات شتى.

ومن هنا يظهر مدى تأثر اللهجة المصرية بما سبقها من لغات ولهجات، إذ بالكاد يُمكن التفرقة بين ما هو عربي وغير عربي، بل إن كثيرًا من المفردات والكلمات، وربّما الجمل والعبارات الكاملة، مأخوذة بأكملها من لغات أخرى، وهي الميزة التي تعكس حجم وقوّة التأثر والتأثير الثقافي والحضاري، الأمر الذي منح العامية المصرية الضوء الأخضر لتحقيق الانتشار العالمي. 

13 لغة أجنبية تشكل العامية المصرية

في عبارته الخالدة يقول الأديب الألماني الشهير يوهان غوته: "أولئك الذين لا يعرفون شيئًا عن اللغات الأجنبية لا يعرفون شيئًا عن لغتهم"، مُرسّخًا لنظرية تواصل اللغات في حلقات متتالية ومتتابعة، تأثيرًا وتأثرًا، إذ قلما تجد لغة كانت أو لهجة لم تستمد في جذورها من لغات أو لهجات الأخرى، وهو ما ينطبق على اللهجة العامية العربية المصرية بشكل واضح وجلي.

فالمصرية العامية تُعتبر امتدادًا لما سبقها من لغات ولهجات، إذ نهلت منها ما ساهم في تشكيلها لاحقا، وهو ما يُبرز الفارق الكبير بينها وبين اللغة العربية الفصحى، فالبون بينهما شاسع؛ فالأولى مزيج من ثقافات ولغات وحضارات مختلفة، فيما تحاول الثانية الحفاظ على رصانتها ونقائها بشكلٍ كبير، حتى وإن لم تستطع تحقيق ذلك بشكل مطلق.

في كتابه (معجم الدخيل في العامية المصرية) الصادر عن المركز القومي للترجمة، يشير أستاذ اللغة الفارسية في جامعة القاهرة، عبدالوهاب علوب، إلى أن العامية المصرية مشكلة من أكثر من 13 لغة أجنبية، تتصدّرها الفارسية بنسبة 30% تليها التركية بنسبة تتراوح بين 3% و4%، ثم الإنجليزية والفرنسية والإيطالية واليونانية والقبطية والفرعونية، ويليها لاحقًا الهندية والسريانية والفينيقية والهندية والإسبانية، وذلك بعد تحليله لأكثر من 1500 كلمة من أكثر الكلمات انتشارًا في العامية المصرية.

الفارسية في المقدمة

تشكل الفارسية قرابة 30% من اللهجة العامية المصرية، بحسب أستاذ اللغة الفارسية في جامعة القاهرة، غير أن ذلك لا يعود إلى احتلال الفرس لمصر كما يعتقد البعض، إذ لم يمكث الاحتلال الفارسي للدولة المصرية طويلًا، إنّما يرجع هذا التأثر إلى اللغة التركية التي كان يتحدّث بها العثمانيون خلال سيطرتهم على مصر والتي استمرت لخمسة عقود كاملة، من القرن الخامس عشر الميلادي إلى نهاية القرن التاسع عشر.

وكانت الفارسية تحتل مكانة بارزة في اللغة التركية، تشكّل تقريبًا نسبة الثلث، وبالتالي نُقلت بالتبعية إلى اللهجة المصرية، أثناء الحكم العثماني الطويل لمصر، ومن أبرز الأسماء الفارسية الحاضرة بقوّة في العامية المصرية حتى اليوم:

أستاذ: معلم.

بَخت: حظ.

طرشي: مخلل (ترشى).

بوسة: قبلة (بوسیدن).

ترزي: خياط (درزي).

بَنْدَر: مرسى، وأصبحت قرية.

التركية ثانيًا 

تشكل اللغة التركية حضورًا طاغيًا في اللهجة العامية المصرية، فرغم أنها في المرتبة الثانية من حيث حجم التداخل والمشاركة لكنها الأكثر انتشارًا على ألسنة المصريين، حيث يميل المصريون للمفردات التركية في كل شؤون حياتهم، نظرًا للتقارب الكبير بينها وبين المفردات العربية الأصيلة، وهو ما يمكن الوقوف عليه من خلال التالي:

في البيت

أوضة: غرفة (Oda).

كنبة: أريكة (Kanepe).

دولاب: خزانة الملابس (Dolap).

في التعليم

أبلة: المُعلمة، المُدرّسة (Abla).

خوجة: مدرّس، مُعلِّم (Hoca).

كشكول: كراس للكتابة كثير الصفحات (Keşkül).

في الأُسرة

بابا: أب، والد (Baba).

أبيه: الأخ الأكبر (Ağabey).

تيزة: المرأة كبيرة السن، ومعناها "العمّة" بالتركية (Teyze).

في الألقاب والأسماء

بيه: Bey.

باشا: Paşa.

هانم: Hanım.

أفندي: Efendi.

في الطعام والشراب

طازة: طازج (Taze).

سجق: نقانق (Sucuk).

طرشي: مخلل (Turşu).

قهوة سادة: Kahve Sade.

كنافة: من الحلويات (Künafe).

كوفتة/ كفتة: طعام من اللحم (Köfte).

في الطب والتمريض

مرهم: Merhem.

برشام: دواء على هيئة حبوب للبلع (Perçin).

روشتة: وصفة الدواء يكتبها الطبيب (Reçete).

حقنة، إبرة، سرنجة: تُنطق بالتركية "شيرينجا" (Şırınga).

داية: المرأة المُولِّدة التي تساعد الحامل أثناء عملية الوضع (Daye).

الإنجليزية والفرنسية.. غنائم استعمار

أثّر الاحتلال الفرنسي لمصر ( 1798 – 1801) ومن بعده الاحتلال الإنجليزي ( 1882 – 1956م) على لهجة المصريين بصورة كبيرة، حيث ترك قائمة مطولة من المفردات والكلمات التي طوّعها المصريون عربيًا ليبدأ استخدامها كـ "لغة شارع" للتواصل مع جنود الاحتلال وفهم طبيعة التعامل معهم.

ورغم خروج الاحتلالين إلا أن تأثيرهما في العامية المصرية لا زال حاضرًا وهو ما يمكن ملاحظته في الكثير من المفردات الدارجة على ألسنة المصريين:

أولًا: الفرنسية

براڤو: Bravo.

چيبة: تنورة (Jupe).

نمرة: رقم (Numéro).

ميرسي: شكرًا (Merci).

تانت: عمة أو خالة (Tante). 

أسانسير: مصعد، (Ascenseur).

ثانيًا: الإنجليزية

ستوب: توقّف (Stop).

لوري: شاحنة (Lorry).

بوليس: شرطة (Police).

شورت: سروال قصير (Short).

تِرِنج: بدلة تدريب الرياضة (Training Suit).

كانز/كان: العلبة الصفيح للمشروب الغازي (Can).

اليونانية والإيطالية.. امتداد التأثر الحضاري

كان للحقبة اليونانية في مصر، والتي امتدت لنحو ثلاثة قرون ( 332 – 30 ق م) وصولًا إلى الإيطاليين خلال الحرب العالمية الثانية ( 1939-1945) تأثيرها الواضح على لهجة المصريين العامية، حيث تأثروا بهم كثيرًا في أحاديثهم اليومية، وهو ما يمكن ملاحظته بسهولة مع أول حديث يدور مع أي مواطن مصري.

اليونانية

ترابيزة: طاولة (Τραπέζι).

ليمان: ميناء، وأصبحت تعني سجنًا أيضًا (λιμάνι).

فانوس: مصباح (φανός).

فراولة: توت أرضي (φράουλα).

كنبة: أريكة (καναπές).

الإيطالية

جوانتي: قفاز (Guanti).

بانيو: مغطس (Bagno).

جمبري: روبيان (Gamberi).

بلياتشو: مهرج (Pagliaccio).

ڤاترينة: واجهة عرض (Vetrina).

القبطية.. لغة المصريين قبل العربية

تُعد اللغة القبطية واحدةً من أكثر اللغات التي شكّلت الهوية المصرية، فكانت لغة المصريين الرئيسية لمئات السنين، وظلّت هكذا حتى بعد عقود طويلة من الفتح الإسلامي لمصر، وتنقسم اللهجات القبطية الرئيسية إلى أنواع مختلفة حسب المكان الجغرافي الذي انتشرت فيه، أشهرها: الصعيدية، والبحيرية، والأخميمية، والفيومية، والليكوبوليتانية، والأوكسيرينشية

ومن أبرز الكلمات القبطية الحاضرة في لهجة المصريين العامة حتى اليوم:

زيطا: وتنطق مثل أحد الحروف القبطية، وتعني "الوحل".

البعبع: تعني العفريت بالعربية.

بخ: بمعنى شيطان.

هنثور: حصان، ونحن نقول "عربية حنطور" أي عربة تُجَر بواسطة حصان.

شوم إن نيسيم: بساتين الزروع (شوم = بساتين، إن = الـ "أداة إضافة"، نيسيم = زروع).

موؤو: ماء، وقد تطورت لتصبح "أمبو" دلالة على العطش.

كين: كفّي، يستخدمها الفلاحون بكثرة بمعنى "اهدأ".

واحا: واحة، بمعنى نجع أو مكان ذو ماء وبساتين وسط الصحراء.

الفرعونية.. لغة المصريين القدماء

يتحدث المصريون حتى اليوم لغتهم الأولى التي ترجع إلى أكثر من خمسة آلاف عام تقريبًا، تلك اللغة القديمة التي استخدمت على مدار فترة زمنية تبلغ ثلاثة آلاف وخمس مئة سنة، والتي كُتبت بخطوط عدة، ما بين الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية والإغريقية، ومن الكلمات الفرعونية التي يستخدمها المصريون حتى الآن:

طنش: تعني لم يستجب.

ست: تعني امرأة.

خم: تعني خدعة.

ياما: تعني كثير.

مقهور: معناها حزين.

هوسة ودوشة: معناهما ضجيج وصوت عالٍ.

كركر: تعني ضحك كثيرًا.

كاني وماني: تعني اللبن والعسل في الهيروغليفية.

مداد لا يمكن إيقافه

بين الحين والآخر تخرج بعض الأصوات التي تطالب بما تصفه "تنقية اللهجة المصرية" مما علق بها من شوائب لغوية جرّاء التأثر باللهجات واللغات الأخرى، بدعوى حماية الأطفال مما أسموه "الفصام اللغوي"، وهي الدعوات التي في الغالب تُقابل بهجوم حاد واستنكارٍ شديدٍ لما تنطوي عليه من خطاب عنصري يتجاهل السياق التاريخي والتطور المرحلي للغة والذي يتجاوز كافة الجهود الرامية لتطويقها وإدخالها في مسار إجباري من الخصوصية وعدم التأثر بالأخرين.

ويميل المزاج العام المصري، العامي والنخبوي، إلى أن هذا الثراء الذي عليه اللهجة المصرية والتمازج الكبير بينها وبين اللغات واللهجات التي تنتمي لحضارات وحقب تاريخية مختلفة، إنما يزيد العامية المصرية قوّة وثباتًا، ويعزز صدارتها لخارطة اللسانيات الإقليمية، وهو ما جعلها اللهجة الأكثر انتشارًا على ألسنة العرب جميعًا وليس الشعب المصري فقط.

ويزخر التاريخ بالعديد من النماذج والتجارب التي حاولت من خلالها بعض الدول والأمم تنقية لهجاتها ولغاتها الخاصة من أي تأثرات خارجية، لكنها المحاولات التي باءت جميعها بالفشل، فمثل هذا السلخ مهمّة شاقة من الصعب نجاحها، ومن أبرز تلك التجارب التجربة التركية بعد قيام الجمهورية التركية الحديثة عام 1923.

أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة غازي عنتاب التركية، صادق أتاغول، يصف تلك التجربة بقوله إن اللغة التركية تعد واحدةً من أكثر اللغات تأثرًا بغيرها في التاريخ، إذ تشكّل المصطلحات العربية والفارسية بها قرابة 70% مرجعًا ذلك للتقارب الجغرافي والتأثير الحضاري للدول الناطقة بهاتين اللغتين على القبائل التركية.

ويضيف أتاغول أنه بعد قيام الجمهورية التركية وضع مصطفى كمال أتاتورك مهمّة تتريك المصطلحات والمرادفات وتنقية اللغة التركية من الكلمات ذات الأصول العربية والفارسية، على رأس أولوياته، وأنشأ خصيصًا لتلك الغاية مجمّع اللغة التركية، وبالفعل بدأ المتخصصون في حذف الكلمات المنتمية لهاتين اللغتين، واستبدلوها بكلمات تركية وبعضًا من الكلمات الأجنبية، الفرنسية والإنجليزية تحديدًا، لكن المفاجأة أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، إذ ما زالت الكلمات العربية تشغل نحو 30% من اللغة التركية الحديثة.

الكلمات المفتاحية

الأكثر قراءة

1

أشكال الجنس والزواج عند العرب.. الغريزة تحت الوصاية

تاريخ مشتبك من أشكال الزواج والعلاقات الجنسية وتحوُّلاتها عند العرب، في الجاهلية وبعد الإسلام، وصولًا إلى العصر الحديث

2

حيلة البقاء.. لماذا لا نستطيع التوقف عن اللعب؟

الألعاب وسيلة لتحفيز الإبداع في شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت، حيث تُدمج في بيئة العمل كأداة لشحن الطاقة الذهنية وتحرير الأفكار، وليس فقط للترفيه، بهدف تعزيز الابتكار والانضباط

3

حكاية سيد درويش.. الحب والثورة والزوال

اعتُبر سيد درويش مخلّصًا للأغنية المصرية من عجمتها التركية، وقال البعض إنه أعاد الموسيقى إلى أصلها العربي كما كانت في زمن الخلافة العباسية

4

لقد تقاسموا العالم.. أغنية حزينة عن ماما أفريكا

تاريخ إفريقيا في العصر الحديث هو تاريخ نهب ثرواتها، يرصد هذا المقال مأساة إفريقيا منذ عهد جيوش الاستعمار إلى عهد الشركات العملاقة

5

من الأنقاض إلى الخوارزميات.. سوريا تعيد بناء ذاتها رقميًا

تمثل البيانات الضخمة فرصة، إذا واتتها الظروف التقنية واللوجستية المناسبة، لإنجاز كثير من المهام الكبرى في مرحلة إعادة إعمار سوريا، وإزالة آثار عقد ونصف من الحرب والشتات

اقرأ/ي أيضًا

تتقاطع صور الحريم التي صوّرها الفنّانون المستشرقون مع خطابات التحرير المعاصرة

من الحريم إلى خطاب الإنقاذ.. تشريح الاستشراق الجنسي

انطلق الاستشراق الجنسي مع الحركة الرومانسية، وتجلّى في لوحات المستشرقين التي رسمت جسد المرأة الشرقية كرمز للفتنة والخضوع، ثم تحوّل التخيل إلى أداة استعمارية، عبر خطاب "إنقاذ المرأة المسلمة"

إسراء عرفات

ليبيا
ليبيا

حقوق الإنسان في ليبيا.. سنوات الإفلات من العقاب وجرائم بلا محاسبة

من سجون طرابلس السرية إلى مقابر ترهونة الجماعية، ومن مراكز احتجاز المهاجرين، نسجت ليبيا، خلال السنوات الخمس الماضية، واحدة من أكثر سرديات العنف والإفلات من العقاب قتامة في العالم المعاصر

خالد الورتاني

اليمن

الخاص والمشترك في تجارب وأحوال الأمم

تنْبع الأخطاء المعرفية وما ينجرّ عنها من مخاطر ومفاسد عامة عن وضع ظواهر وحوادث مختلفة بالنوع والزمان والمكان في لائحة تفسيرية واحدة والتعامل معها معرفيًا وكأنها الشيء نفسه وجودًا وعدما، كمًّا وكيفا.

محمد العلائي

الاستبداد

تحولات نظام الاستبداد في المجال العربي

من طريف سجالات الصراع بين عبد الناصر والإخوان أنّه كان يتهمهم بالعمالة لبريطانيا، في حين كانوا يصرّون على اعتباره رجل الولايات المتحدة

زهير إسماعيل

الكرامة الحمصي

محمد قويض.. الكرامة في ملعب الدكتاتورية

قدّم محمد قويض أبو شاكر نموذجًا مناقضا لما واظبت السلطة على ترويجه وشكّل تفنيدًا صريحا لسرديتها وتهديدًا لسلامة مفهومها حول السلم الأهلي

حيان الغربي

المزيد من الكاتب

عماد عنان

كاتب وصحافي مصري

سرّ التقدم ومفتاح الأزمات.. الخبز في الحضارة

تحوّل الخبز مؤخرًا من رمز للحضارة والاستقرار إلى أحد أبرز عناوين الصراع من أجل البقاء، خاصةً في المناطق التي يُعد مصدر غذاء رئيسي فيها، مثل العالم العربي

المتديّنون في الجيش الإسرائيلي.. زواج كاثوليكي على ورق تلمودي

توجد مغرياتٌ عديدة تٌسيل لُعاب الحريديم وأبناء الصهيونية الدينية لأداء الخدمة العسكرية، مع الإشارة إلى أنّ الانخراط المتزايد للمتدينين في جيش الاحتلال يُفاقم من تداعيات العدوان على الفلسطينيين

الآثار بين التجارة والفتوى والهدايا الرئاسية: كيف نُهِبَ تاريخ مصر؟

تفريغ مصر من كنوزها الأثرية ونقلها للخارج، لم يكن حكرًا على تجار الآثار والمهربين وفقط، بل شارك فيه حكام الدولة وزعماؤها على مر التاريخ